غير ممنون : غير مقطوع ولا يمنّ به عليهم ، من المنّ ، ومنه قول ذي الإصبع :
إني لعمرك ما بابي بذي غلق على الصديق ، ولا خيري بممنون
8- { إن الذين آمنوا وعلموا الصالحات لهم أجر غير ممنون } .
الذين آمنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وعملوا الأعمال الصالحة كالصلاة والزكاة والصيام والحج ، ورحمة اليتيم والمسكين ، وإكرام الجار وصلة الرحم ، ونشر دعوة الإسلام ، والجهاد في سبيل الله وغير ذلك ، لهم أجر دائم في الجنة ، لا ينقص أجرهم ، ولا أحد يمنّ عليهم ، بل يزيدهم الله من فضله ويرفعهم درجات ، ويمنّ عليهم بالرضا والعطاء وزيادة الإحسان .
ولما ذكر الكافرين ، ذكر المؤمنين ، ووصفهم وجزاءهم ، فقال : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا } بهذا الكتاب ، وما اشتمل عليه مما دعا إليه من الإيمان ، وصدقوا إيمانهم بالأعمال الصالحة الجامعة للإخلاص ، والمتابعة . { لَهُمْ أَجْرٌ } أي : عظيم { غَيْرُ مَمْنُونٍ } أي : غير مقطوع ولا نافد ، بل هو مستمر مدى الأوقات ، متزايد على الساعات ، مشتمل على جميع اللذات والمشتهيات .
قوله تعالى : " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون " قال ابن عباس : غير مقطوع ؛ مأخوذ من مننت الحبل إذا قطعته ، ومنه قول ذي الإصبع :
إني لَعَمْرُك ما بَابِي بذي غَلَقٍ *** على الصَّدِيقِ ولا خيري بمَمْنُونِ{[13415]}
فترى خلفها من الرَّجْعِ والوقْ *** عِ منِينًا كأنهُ أهْبَاءُ
يعني بالمنين الغبار المنقطع الضعيف . وعن ابن عباس أيضا ومقاتل : غير منقوص . ومنه المنون ؛ لأنها تنقص مُنَّةَ الإنسان أي قوته ، وقاله قطرب ، وأنشد قول زهير :
فضلَ الجياد على الخيل البِطاءِ فلا *** يُعْطِي بذلك مَمْنُونًا ولا نَزِقَا{[13416]}
قال الجوهري : والمن القطع ، ويقال النقص ، ومنه قوله تعالى : " لهم أجر غير ممنون " . وقال لبيد :
غُبْسٌ كواسبُ لا يُمَنُّ طعامُها{[13417]}
وقال مجاهد : " غير ممنون " غير محسوب . وقيل : " غير ممنون " عليهم به . قال السدي : نزلت في الزمني والمرضى والهِرْمَى إذا ضعفوا عن الطاعة كتب لهم من الأجر كأصح ما كانوا يعملون فيه .
ولما ذكر ما للجاهلين وعيداً وتحذيراً ، ذكر ما لأضدادهم وعداً وتبشيراً ، فقال مجيباً لمن تشوف لذلك مؤكداً لإنكار من ينكره : { إن الذين آمنوا } أي بما آتاهم الله من العلم النافع { وعملوا الصالحات } من الزكاة وغيرها ليكون علمهم شرعياً نافعاً ، ولما كان افتتاح السورة بالرحمن الرحيم مشعراً بأن الأسباب الظاهرية انمحت عند السبب الحقيقي الذي هو رحمته ، أعرى الخبر عن الفاء ، فقال إيذاناً بعظم الجزاء لأن سببه رحمة الرحيم ، ولو كان بالفاء لآذنت أنه على مقدار العمل الذي هو سببه : { لهم أجر } أي عظيم { غير ممنون * } أي مقطوع - جزاء على سماحهم بالفاني اليسير من أموالهم في الزكاة وغيرها وما أمر الله به من أقوالهم وأفعالهم في الآخرة والدنيا ، والممنون : المقطوع من مننت الحبل أي قطعته بقطع مننه ومنه قولهم : قد منه السفر أي قطعه وأذهب منته .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.