اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ لَهُمۡ أَجۡرٌ غَيۡرُ مَمۡنُونٖ} (8)

قوله : { إِنَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } قال ابن عباس رضي الله عنهما غير مقطوع{[48539]} ، من قولك : مننتُ الحبلَ أي قطعتُهُ ، ومنه قولهم : «قَد مَنَّهُ السَّفرَ » أي قطعه{[48540]} وأنشدوا :

4352 فَضْلَ الجَوَادِ على الخَيْلِ البِطَاءِ فَلاَ *** يُعْطِي بذلك مَمْنُوناً وَلاَ نَزِقَا{[48541]}

وقال مقاتل : غير منقوص ، ومنه المنون لأنه ينقص منة الإنسان وقوته ، وأنشدوا لذي الإصبع العُدواني :

4353 إنِّي لَعَمْرُكَ مَا بَابِي بِذِي غَلَقٍ *** على الصَّدِيقِ ولا خَيرِي بِمَمْنُونِ{[48542]}

وقيل : غير ممنون به عليهم ؛ لأن عطاء الله لا يُمَنُّ به إنما يَمُنُّ المخلوق . وقال مجاهد : غير محسوب وقال السُّدِّيّ : نزلت هذه الآية في المَرْضَى والزَّمنى والهَزْمَى إذا عجزوا عن الطاعة يكتبه لهم الأجرُ كأصح ما كانوا يعلمون فيه{[48543]} .

روي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن العبد إذا كان على طريقة حسنة من العبادة ثم مَرِضَ ، قيل للملك الموكل به : اكتُبْ له مثل علمه إذا كان طليقاً حتى أطلقه أو أكفته إليَّ »{[48544]} .


[48539]:نقله البغوي في تفسيره 6/104.
[48540]:نقله صاحب اللسان (منن) 4277.
[48541]:من البسيط لزهير بن أبي سلمى من قصيدة في مدح هرم بن سنان، ويروى: الجياد بدل الجواد والبطاء البطيئة، والنزق الخفيف الطائش، والممنون المقطوع يقول: إن فضله على غيره مثل فضل الجياد على الخيل البطاء. وشاهده: أن الممنون بمعنى المقطوع وانظر اللسان بطأ 299 والبحر المحيط 7/485 والدر المصون 4/719، والقرطبي 15/341، وديوانه 49.
[48542]:من البسيط كسابقه وشاهده كسابقه أيضا في أن الممنون معناه المقطوع والغلق ـ بالتحريك ـ ما يغلق به الباب من الرتاج ونحوه. ويروى: ولا زادي بممنون، ويروى: (عن الصديق) بدل (على الصديق) وانظر القرطبي 15/341، والبحر 7/485، وديوان الحماسة البصرية 1/224، والدر المصون 4/718، وديوان المفضليات 422 و327 وفتح القدير 4/506 هو وما قبله.
[48543]:البغوي 6/105 والقرطبي 15/341 و342 والخازن 6/104.
[48544]:أورده أحمد في المسند 2/203 كما أخرجه البغوي في المرجع السابق عن ابن عمر أيضا.