12- { ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون } .
عندما اشتد القحط بأهل مكة مشى أبو سفيان ومعه نفر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يناشدونه الله تعالى والرحم ، وواعدوه إن دعا لهم ، وزال عنهم ما بهم أن يؤمنوا ، أي : إذا كشفت عنا يا ربنا هذا العذاب ، فإنا سنؤمن بك وبرسولك ، وقد عدلوا عن قولهم : ( سنؤمن ) . إلى قولهم : { إنا مؤمنون } إظهارا لمزيد الرغبة في الإيمان .
أي يقولون ذلك : اكشف عنا العذاب ف " إنا مؤمنون " ، أي نؤمن بك إن كشفته عنا . قيل : إن قريشا أتوا النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا : إن كشف الله عنا هذا العذاب أسلمنا ، ثم نقضوا هذا القول . قال قتادة : " العذاب " هنا الدخان . وقيل : الجوع . حكاه النقاش .
قلت : ولا تناقض ، فإن الدخان لم يكن إلا من الجوع الذي أصابهم ، على ما تقدم . وقد يقال للجوع والقحط : الدخان ليبس الأرض في سنة الجدب وارتفاع الغبار بسبب قلة الأمطار ؛ ولهذا يقال لسنة الجدب : الغبراء . وقيل : إن العذاب هنا الثلج . قال الماوردي : وهذا لا وجه له ؛ لأن هذا إنما يكون في الآخرة أو في أهل مكة ، ولم تكن مكة من بلاد الثلج ، غير أنه مقول فحكيناه .
ولما كان كأنه قيل : فما قالوا حين تحققوا ذلك ؟ قيل{[57353]} : قالوا{[57354]} وقد انحلت عرى تلك العزائم ، ووهت تلك القوى من كل [ عازم-{[57355]} ] ، وسفلت{[57356]} بعد العلو تلك الشوامخ من الهمم{[57357]} مدعين أنهم لغاية الإذعان من أهل القرب والرضوان : { ربنا } أي أيها المبدع لنا والمحسن إلينا { اكشف عنا العذاب } ثم عللوا{[57358]} ذلك بما علموا أنه الموجب كشفه ، فقالوا مؤكدين لما لحالهم من المنافاة لخبرهم : { إنا مؤمنون * } أي عريقون في وصف الإيمان واصلون إلى رتبة الإيقان ، وهذا يصح أن يراد به بعد طلوع الشمس من مغربها ، روى الشيخان{[57359]} عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون ، وذلك حين لا ينفع نفساً إيمانها " ثم قرأ الآية ، وإن [ كان-{[57360]} ] المراد بالعذاب ما حصل {[57361]}من القحط{[57362]} كان هذا الإيمان على سبيل الوعد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.