المنفوش : الذي نفشته بيدك أو بآلة أخرى ، ففرقت شعراته بعضها عن بعض .
5- وتكون الجبال كالعهن المنفوش .
الجبال تصبح رخوة مفتتة متهايلة ، كالعهن . وهو الصوف المنفوش . الذي نقش بالندف وأصبح خفيفا ، تحركه الرياح والأنفاس .
وإذا كانت الجبال في الدنيا في الدنيا يضرب بها المثل في الرسوخ والتماسك ، فقد صارت في الآخرة هلاما رخوا ، متطايرا غير متماسك ، كما قال تعالى : وإذا الجبال سيّرت . ( التكوير : 3 ) .
وكما قال تعالى : وكانت الجبال كثيبا مهيلا . ( المزمل : 14 ) .
أي : رمالا متحركة غير متماسكة .
وقال تعالى : وسيّرت الجبال فكنت سرابا . ( النبأ : 20 ) .
فالجبال يوم القيامة تقتلع من أماكنها ، ويتحوّل تماسكها إلى رمال متحركة متناثرة ، ثم تذرّى في الهواء ، فتتطاير كالصوف المنفوش ، ثم تصبح سرابا لا حقيقة لها ، حيث تسوّى الأرض ، وتبدّل بأرض بيضاء مستوية : لا ترى فيها عوجا ولا أمتا . ( طه : 107 ) . أي : لا ارتفاع فيها ولا انخفاض .
إذا كان هذا حال الجبال ، فما بالك بالإنسان الذي خلقه الله ضعيفا ، إنه يصاب يوم القيامة بالهلع والمفاجأة وشدة الصدمة .
قال تعالى : يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم* يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد . ( الحج : 1 ، 2 ) .
وقيل : إن ذلك الهول يصيب لكفار والعصاة من المؤمنين ، أما الصالحون المهتدون فتنزل عليهم الملائكة تطمئنهم وتبشرهم بالجنة ونعيمها .
قال تعالى : إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزّل عليهم الملائكة ألاّ تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون * نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدّعون* نزلا من غفور رحيم . ( فصلت : 30-32 ) .
وأما الجبال الصم الصلاب ، فتكون { كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ } أي : كالصوف المنفوش ، الذي بقي ضعيفًا جدًا ، تطير به أدنى ريح ، قال تعالى : { وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ } ثم بعد ذلك تكون هباء منثورًا ، فتضمحل ولا يبقى منها شيء يشاهد ، فحينئذ تنصب الموازين ، وينقسم الناس قسمين : سعداء وأشقياء .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
يقول : تكون الجبال يومئذ بعد القوة والشدة كالصوف المندوف ... فما حالك يومئذ يا ابن آدم ؟ قال : كالصوف المنفوش في الوهن ، أوهن ما يكون الصوف إذا نفش . ...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره : ويوم تكون الجبال كالصوف المنفوش ، والعِهْن : هو الألوان من الصوف ....وذُكر أن الجبال تسير على الأرض وهي في صورة الجبال كالهباء .
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
قال بعضهم : كالصوف المصبوغ ، وقال بعضهم : كالمندوف من الصوف . فإن كان على التأويل الأول فمعناه ، والله أعلم ، أن الجبال في ذلك اليوم تتلون ألوانا من شدة ذلك اليوم بلون العهن ، ألا تراه يقول : { وترى الجبال تحسبها جامدة } ( النمل : 88 ) ، ويقول : { ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا } ( طه : 105 ) فكذلك هذا على ذلك المعنى . وإن كان على التأويل الآخر فمعناه : أن الجبال مع شدتها وصلابتها تصير في الرخاوة والضعف من هول ذلك اليوم كالصوف المندوف ، إن ذلك أضعف أحواله ...
النكت و العيون للماوردي 450 هـ :
وقال { كالْعِهْنِ المَنْفُوشِ } لخفته ، وضعفه ، فشبه به الجبال لخفتها ، وذهابها بعد شدَّتها وثباتها .
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{ وتكون الجبال } على ما هي عليه من الشدة والصلابة ، وأنها صخور راسخة { كالعهن } أي الصوف المصبوغ ؛ لأنها ملونة ، ... { المنفوش } أي المندوف المفرق الأجزاء الذي ليس هو بمتلبد شيء منه على غيره ، فتراها لذلك متطايرة في الجو كالهباء المنثور حتى تعود الأرض كلها لا عوج فيها ولا أمتاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.