المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{وَتَكُونُ ٱلۡجِبَالُ كَٱلۡعِهۡنِ ٱلۡمَنفُوشِ} (5)

واختلف اللغويون في «العهن » ، فقال أكثرهم : هو الصوف عاماً ، وقال آخرون : وهو الصوف الأحمر ، وقال آخرون : هو الصوف الملون ألواناً ، واحتج بقول زهير :

كأن فتات العهن في كل منزل . . . نزلن به حب الفنا لم يحطم{[11959]}

والفنا : عنب الثعلب ، وحبه قبل التحطم منه الأخضر والأحمر والأصفر ، وكذلك الجبال جدد بيض وحمر وسود وصفر ، فجاء التشبيه ملائماً ، وكون { الجبال كالعهن } ، إنما هو وقت التفتيت قبل النسف ومصيرها هباء ، وهي درجات ، والنفش : خلخلة الأجزاء وتفريقها عن تراصها ، وفي قراءة ابن مسعود وابن جبير : «كالصوف المنفوش » .


[11959]:البيت من معلقة زهير، والفتات: اسم لما انفت وتقطع من الشيء، والعهن: الصوف المصبوغ الملون، وجمعه عهون، وحب الفنا: حب عنب الثعلب، والتحطم: التكسر، والضمير في (نزلن) يعود على "الظعائن" اللاتي يتحدث عنهن، وقد ذكرهن في بيت سابق حين قال: (تبصر خليلي هل ترى من ظعائن)، ومعنى البيت: كأن قطع الصوف المصبوغ الذي زينت به الهوادج في كل منزل نزلت به هؤلاء النسوة حب عنب الثعلب الذي لم يتحطم، لأنه إذا تحطم ذهبت ألوانه.