21- قل إني لا أملك لكم ضرّا ولا رشدا .
إنه التّجرّد الكامل ، وبيان وظيفته صلى الله عليه وسلم ، وهي الدعوة إلى الله وتبليغ الرسالة ، أمّا الهداية أو الغواية ، فذلك بيد الله وحده ، الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء ، وييسر الهداية للمتقين ، ويسلب الهدى عن الضالين .
وفي الحديث الشريف : ( أفلا نتكل يا رسول الله ) ؟
أي : أفلا نعتمد على أنّ كل إنسان قد حدد مصيره إلى الجنة أو إلى النار ؟
فقال صلى الله عليه وسلم : ( لا ، اعملوا فكل ميسر لما خلق له ، إن الله عز وجل يقول : فأما من أعطى واتقى* وصدّق بالحسنى* فسنيسّره لليسرى* وأما من بخل واستغنى* وكذّب بالحسنى* فسنيسّره للعسرى . viii ( الليل : 5-10 ) .
وقوله تعالى : قل إني لا أملك لكم ضرّا ولا رشدا .
أي : إنما أنا عبد من عباد الله ، ليس لي من الأمر شيء في هدايتكم ولا غوايتكم ، بل المرجع في ذلك كله إلى الله عز وجل . اه .
ولما كان السامع ربما قال : ما له هو{[69217]} لا يهلكهم أو{[69218]} يدعو ربه في دفع المتلبدين عليه عنه بالإهلاك أو{[69219]} التوبة والمتابعة ، أمره بما يبين عظمة ربه وأنه لا يفعل إلا ما يريد بقوله مبيناً أنه يستحيل عليه{[69220]} الصلاة والسلام ما{[69221]} يستحيل على جميع الممكنات من أن يؤثر في شيء بنفسه أو يخالف ربه : { قل } أي لهؤلاء الذين خالفوك ، وأكد فطماً لمن ربما اعتقد - لكثرة ما يرى من الكرامات - أنه مهما أراده فعله الله له{[69222]} : { إني لا أملك } أي الآن ولا بعد { لكم } بنفسي من غير إقدار{[69223]} الله لي لأنه لا مؤثر {[69224]}في شيء{[69225]} من الأشياء إلا الله سبحانه وتعالى .
ولما كان المقام لدفع شرهم عنه ، قال : { ضراً } فأفهم ذلك " ولا نفعاً ولا غياً " { ولا رشداً * } أي صواباً وسداداً . فالآية من الاحتباك وهو ظاهر على هذا التقدير ، قال أبو حيان{[69226]} : فحذف من كل ما يدل{[69227]} مقابله عليه - انتهى . ويجوز أن يكون تقديره : لا أملك ضراً لأني لا أملك لكم إضلالاً ولا أملك لكم{[69228]} رشداً فلا أملك لكم نفعاً ، فإنه لا نفع في غير الرشاد ، ولا ضر في غير الضلال ، فقبح الله ابن عربي الطائي الذي يقول في فصوصه : إن الضلال أهدى من الهدى ، فلا أسخف{[69229]} عقلاً منه إلا من تبعه - عليهم {[69230]}لعنة الله وخزيه{[69231]} ، فإن قالوا : إنه أراد غير ما يفهم من ظاهر اللفظ فقل : كذبتم فقد بين مراده إطباقكم على الفسق والفجور لا يكاد يجد منكم من يتهم بمذهبه وهو يتقيد{[69232]} بشرع ، ولم تخرج الآية بهذا عن الاحتباك ، فإن ذكر الضر أولاً دل على حذف النفع ثانياً ، وذكر الرشد ثانياً دل على حذف الضلال أولاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.