نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{قُلۡ إِنِّي لَآ أَمۡلِكُ لَكُمۡ ضَرّٗا وَلَا رَشَدٗا} (21)

ولما كان السامع ربما قال : ما له هو{[69217]} لا يهلكهم أو{[69218]} يدعو ربه في دفع المتلبدين عليه عنه بالإهلاك أو{[69219]} التوبة والمتابعة ، أمره بما يبين عظمة ربه وأنه لا يفعل إلا ما يريد بقوله مبيناً أنه يستحيل عليه{[69220]} الصلاة والسلام ما{[69221]} يستحيل على جميع الممكنات من أن يؤثر في شيء بنفسه أو يخالف ربه : { قل } أي لهؤلاء الذين خالفوك ، وأكد فطماً لمن ربما اعتقد - لكثرة ما يرى من الكرامات - أنه مهما أراده فعله الله له{[69222]} : { إني لا أملك } أي الآن ولا بعد { لكم } بنفسي من غير إقدار{[69223]} الله لي لأنه لا مؤثر {[69224]}في شيء{[69225]} من الأشياء إلا الله سبحانه وتعالى .

ولما كان المقام لدفع شرهم عنه ، قال : { ضراً } فأفهم ذلك " ولا نفعاً ولا غياً " { ولا رشداً * } أي صواباً وسداداً . فالآية من الاحتباك وهو ظاهر على هذا التقدير ، قال أبو حيان{[69226]} : فحذف من كل ما يدل{[69227]} مقابله عليه - انتهى . ويجوز أن يكون تقديره : لا أملك ضراً لأني لا أملك لكم إضلالاً ولا أملك لكم{[69228]} رشداً فلا أملك لكم نفعاً ، فإنه لا نفع في غير الرشاد ، ولا ضر في غير الضلال ، فقبح الله ابن عربي الطائي الذي يقول في فصوصه : إن الضلال أهدى من الهدى ، فلا أسخف{[69229]} عقلاً منه إلا من تبعه - عليهم {[69230]}لعنة الله وخزيه{[69231]} ، فإن قالوا : إنه أراد غير ما يفهم من ظاهر اللفظ فقل : كذبتم فقد بين مراده إطباقكم على الفسق والفجور لا يكاد يجد منكم من يتهم بمذهبه وهو يتقيد{[69232]} بشرع ، ولم تخرج الآية بهذا عن الاحتباك ، فإن ذكر الضر أولاً دل على حذف النفع ثانياً ، وذكر الرشد ثانياً دل على حذف الضلال أولاً .


[69217]:- من ظ وم، وفي الأصل: مولا.
[69218]:- من ظ وم، وفي الأصل: "و".
[69219]:- - من ظ وم، وفي الأصل "و".
[69220]:- من ظ وم، وفي الأصل: في حقه.
[69221]:- من ظ وم، وفي الأصل: بما.
[69222]:- زيد من ظ وم.
[69223]:- من ظ وم، وفي الأصل: إنذار.
[69224]:- من ظ وم، وفي الأصل: لشيء.
[69225]:- من ظ وم، وفي الأصل: لشيء.
[69226]:- راجع البحر 8/ 353.
[69227]:-زيد في الأصل: على، ولم تكن الزيادة في ظ وم والبحر فحذفناها.
[69228]:- سقط من م.
[69229]:- من ظ وم، وفي الأصل: استخف.
[69230]:- في ظ: رحمة الله ومغفرته.
[69231]:- في ظ: رحمة الله ومغفرته.
[69232]:- من ظ وم، وفي الأصل: يتقلد.