تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَوَقَعَ ٱلۡقَوۡلُ عَلَيۡهِم بِمَا ظَلَمُواْ فَهُمۡ لَا يَنطِقُونَ} (85)

83

المفردات :

بما ظلموا : حلّ بهم العذاب الموعود بسبب ظلمهم .

التفسير :

85- { ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون }

ووجب عليهم العذاب الذي قلناه على ألسنة رسلنا ، حيث قال تعالى : { ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين } [ السجدة : 13 ]

أي : لزمتهم مقولة العذاب ، بسبب ظلمهم وتكذيبهم ، ولم يجدوا حجة ولا وسيلة للاعتذار ، فصاروا كالمجرم الذي تقدم للمحكمة ، والأدلة كلها تؤكد ارتكابه للجريمة ، فعجز عن الدفاع لوضوح الأدلة ، وسكت عن النطق بما ينفي عنه التهمة .

وذكر المفسرون هنا أن القيامة فيها مواقف متعددة ، في بعض المواقف تكون المساءلة والاستجواب وسماع أقوال الناس ، قال تعالى : { وقفوهم إنهم مسؤولون } [ الصافات : 24 ] .

وفي بعض المواقف تنتهي الاستجوابات ، ويوقف سماع أي كلام ، وهذا يشبه على نحو ما عمل المحكمة في استجواب الخصوم ، وسماع أدلة الاتهام والدفاع ، وإفساح صدرها لكل رأي أو شهادة أو دفاع أو كتابة مذكرات : ثم تحجز القضية للنطق بالحكم ، فلا يقبل حينئذ سماع كلام .

قال تعالى : { هذا يوم لا ينطقون*ولا يؤذن لهم فيعتذرون } [ المرسلات : 35 ، 36 ] .

وقال سبحانه : { ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون }

ومن مأثور السابقين : الامتناع عن الكلام مع القدرة عليه كلام .

فالصمت لغة لها دلالتها ومضمونها ، وعدم نطق الكفار يوم القيامة ، معناه ما يأتي :

1- هم لا يملكون كلاما مفيدا ينقذهم من العذاب .

2- أو هم في مرحلة لا يسمح لهم فيها بالنطق ، تبكيتا وزجرا .

وقال ابن كثير في التفسير :

{ ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون } أي : بهتوا فلم يكن لهم جواب ، لأنهم كانوا في الدار الدنيا ظلمة لأنفسهم ، وقد ردوا إلى عالم الغيب والشهادة الذي لا تخفى عليه خافية .