{ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ } يعني يرزقني ويربيني .
وقال أبو العباس بن عطاء : يعني يطعمني أيّ طعام شاء ، ويسقيني أيّ شراب شاء .
قال محمد بن كثير العبدي : صحبت سفيان الثوري بمكة دهراً فكان يستف من السبت الى السبت كفّاً من رمل .
وسمعت أبا القاسم بن حبيب يقول : سمعت أبا الحسن محمد بن علي بن الشاه يقول : سمعت أبا عبد الله محمد بن علي بن حمدان يقول : سمعت الحجاج بن عبد الكريم يقول : خرجت من بلخ في طلب إبراهيم بن أدهم فرأيته بحمص في أتون يسجّرها فسلّمت عليه وسألته عن حاله ، فردّ عليَّ السلام وسألني عن حالي وحال أقربائه ، فكنت معه يومه ذلك فقال : لعلّ نفسك تنازعك الى شيء من طعام ؟ فقلت : نعم فأخذ رماداً وتراباً فخلطهما وأكلهما ثمَّ أقبل بوجهه عليَّ وانشأ يقول :
اخلط الترب بالرماد وكُلْه *** وازجر النفس عن مقام السؤالِ
فإذا شئت ان تقبّع بالذلّ *** فرم ما حوته أيدي الرجال
فخرجت من عنده فمكثت أياماً لم أدخل عليه فاشتدّ شوقي إليه ، فدخلت عليه وكنت عنده فلم يتكلّم بشيء فقلت له : لِمَ لا تكلّم ؟ فقال :
مُنع الخطاب لأنه سبب االردى *** والنطق فيه معادن الآفاتِ
فإذا نطقتَ فكن لربّك ذاكراً *** وإذا سكتَّ فعدّ جسمك مات
قال أبو بكر الوراق : يطعمني بلا طعام ويسقيني بلا شراب ، ومجازها : يشبعني ويرويني من غير علاقة ، كقول النبي صلى الله عليه وسلم :
" إنّى أبيت يطعمني ربّي ويسقيني " . يدلّ عليه حديث السقاء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم حيث سمع النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام يقرأ { وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا } فرمى بقربته ، فأتاه آت في منامه بقدح من شراب الجنّة فسقاه .
قال أنس : فعاش بعد ذلك نيّفاً وعشرين سنة لم يأكل ولم يشرب على شهوته .
وقال علي بن قادم : كان عبد الرَّحْمن بن أبي نعم لا يأكل في الشهر إلاّ مرَّة ، فبلغ ذلك الحجاج فدعاه وأدخله بيتاً وأغلق عليه بابه ثم فتحه بعد خمسة عشر يوماً ولم يشكّ أنّه مات فوجده قائماً يصلّي فقال : يا فاسق تُصلّي بغير وضوء فقال : إنّما يحتاج الى الوضوء مَن يأكل ويشرب ، وأنا على الطهارة التي أدخلتني عليها هذا البيت .
وسمعت أبا القاسم الحسن بن محمد النيسابوري يقول : سمعت أبا نصر منصور بن عبد الله الاصبهاني يقول : سمعت أبا سعيد الخزاز بمكة يقول : كنت بطرسوس جائعاً ، فاشتدَّ بي الجوع فجلست على شاطئ النهر ووضعت رجلي في الماء فنوديت : أضجرت من جوعك ؟ هاك شبع الأبد .
قال : فعاش بعده سنين لم يشته طعاماً ولا شراباً ، وكان مع ذاك إذا أراد الاكل والشرب أمكنه .
وبلغني أنّ امرأة اسرت من حلب الى الروم في أيام سيف الدولة علي بن حمدان ، فهربت منهم ومشت مائتي فرسخ لم تطعم شيئاً ، فقدمت الى سيف الدولة فقال لها : كيف قويت على المشي وكيف عشت بلا طعام ؟
فقالت : كنتُ كلّما جعت أو أعييت أقرأ
{ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } [ الإخلاص : 1 ] ثلاث مرّات فأشبع وأروى وأقوى .
وسمعت أبا القاسم ؟ يقول : سمعت أبا القاسم النصرآبادي يقول : سمعت أبا بكر الشبلي يقول : في الخبز لطيفة تشبعك لا الخبز ، ولو شاء لأبقى فيك تلك اللطيفة حتى لا تحتاج الى الخبز .
وقال ذو النون المصري : يطعمني طعام المحبّة ويسقيني شراب المحبّة . ثم أنشأ يقول :
شراب المحبّة خير الشراب *** وكلّ شراب سواه سراب
وسمعت ابن حبيب يقول : سمعت أبا عبد الله محمد بن عبيد الله الجرجاني يقول : سمعت الحسن بن علوية الدامغاني يقول : سمعت عمّي يقول : سمعت أبا يزيد البسطامي يقول : إنَّ لله شراباً يقال له شراب المحبّة ادّخرهُ لأفاضل عباده ، فإذا شربوا سكروا ، فإذا سكروا طاشوا ، فإذا طاشوا طاروا ، فإذا طاروا وصلوا ، فإذا وصلوا اتصلوا ، فهم في مقعد صدق عند مليك مقتدر .
وقال الجنيد : يُحشر الناس كلّهم عراة إلاّ من لبس لباس التقوى ، وغراثاً إلاّ من أكل طعام المعرفة ، وعطاشى إلاّ من شرب شراب المحبّة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.