الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{فَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰٓ أَنِ ٱضۡرِب بِّعَصَاكَ ٱلۡبَحۡرَۖ فَٱنفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرۡقٖ كَٱلطَّوۡدِ ٱلۡعَظِيمِ} (63)

{ فَأَوْحَيْنَآ إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ } .

أخبرني الحسين بن محمد بن الحسين الضنجوي قال : أخبرنا محمد بن الحسين بن علي اليقطيني قال : أخبرنا أحمد بن عبد الله العقيلي قال : حدّثنا صفوان بن صالح قال : حدّثنا الوليد قال : حدّثني محمد بن حمزة وعبد الله بن سلام أنّ موسى لمّا انتهى الى البحر قال : يا مَن قبل كلّ شيء ، والمكوّن لكلّ شيء ، والكائن بعد كلّ شيء ، اجعل لنا مخرجاً ، فأوحى الله سبحانه أن اضرب بعصاك البحر { فَانفَلَقَ } فانشقّ { فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ } فرقة أي قطعة من الماء { كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ } كالجبل الضخم .

قال ابن جريج وغيره : لما انتهى موسى الى البحر هاجت الريح ، والبحر يرمي موجاً مثل الجبال فقال له يوشع : يا مكلّم الله أين أُمرت فقد غشينا فرعون ، والبحر أمامنا ؟ قال موسى : ههنا فخاض يوشع الماء وحار البحر يتوارى حتى أقرّ دابته الماء ، وقال الذي يكتم إيمانه : يا مكلّم الله أين أُمرت ؟ قال : ههنا فكبح فرسه بلجامه حتى طار الزبد من شدقته ، ثم أقحمه البحر فارتسب الماء ، وذهب القوم يصنعون مثل ذلك فلم يقدرو ، فجعل موسى لا يدري كيف يصنع فأوحى الله سبحانه أن اضرب بعصاك البحر فضربه بعصاه فانفلق ، فإذا الرجل واقف على فرسه لم يبتل لبده ولا سرجه .