الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ جَزُوعٗا} (20)

{ إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً } .

أخبرنا عبد الخالق قال : حدّثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن يزداد الرازي ، قال : حدّثنا أبو الحسن طاهر الخثعمي ، قال : حدّثنا إسماعيل بن موسى ، قال : أخبرنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله : { هَلُوعاً } قال : الحريص على ما لا يحلّ له .

وروى عطية عنه قال : هو الذي قال الله سبحانه وتعالى : { إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً } وقال سعيد بن جبير : شحيحاً ، عكرمة : ضجوراً ، الضحاك والحسن : بخيلا ، حصين : حريصاً ، قتادة وابن زيد : حزوناً ، مجاهد : شرهاً ، وعن الضحاك أيضاً : الهلوع الذي لا يشبع ، مقاتل : ضيق القلب ، ابن كيسان : خلق الله الإنسان يحب ما يُسره ويرضيه ويهرب مما يكرهه ويسخطه ثمّ تعبّده بإنفاق ما يحب ويلذ والصبر على ما يكره ، عطا : عجولا وقيل : جهولا ، سهل : متقلّباً في شهواته وهواه ، وسمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقول : سمعت منصور بن عبد الله يقول : سمعت أبا القيّم البزاز يقول : قال ابن عطاء : الهلوع : الذي يرضى عند الموجود ويسخط عند المفقود ، أبو الحسن الوراق : نسّاء عند النعمة دعّاء عند المحنة ، وعن سهل أيضاً : إذا افتقر جزع وإذا أيسر منع ، أبو عبيدة وثعلب : هو الذي إذا مسّه الخير لم يشكر وإذا مسّه الشرّ لم يصبر ، وقيل : طموعاً يرضيه القليل من الدنيا ويسخطه مثلها ، والهلع في اللغة : أشد الحرص وأسوأ الجزع .

قال النبيّ صلى الله عليه وسلم : " شرّ ما أعطى العبد شح هالع وجبن خالع " .

وتقول العرب : ناقة هلواع إذا كانت سريعة السير خفيفة . قال الشاعر :

صكاء علبة إذا استديرتها *** حرج إذا استقبلتها هلواع