جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱخۡفِضۡ جَنَاحَكَ لِمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (215)

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قال : لما نزلت هذه الاَية بدأ بأهل بيته وفصيلته قال : وشقّ ذلك على المسلمين ، فأنزل الله تعالى : وَاخْفِضْ جَناحَكَ لَمنِ اتّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ .

وقوله : وَاخْفِضْ جَناحَكَ يقول : وألن جانبك وكلامك لَمِنَ اتّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَاخْفِضْ جَناحَكَ لَمِنِ اتّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ قال : يقول : لِنْ لهم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱخۡفِضۡ جَنَاحَكَ لِمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (215)

معترض بين الجملتين ابتداراً لكرامة المؤمنين قبل الأمر بالتبرؤ من الذين لا يؤمنون ، وبعد الأمر بالإنذار الذي لا يخلو من وقع أليم في النفوس .

وخفض الجناح : مثَل للمعاملة باللِّين والتواضع . وقد تقدم عند قوله تعالى : { واخفض جناحك للمؤمنين } في سورة الحجر ( 88 ) ، وقوله : { واخفض لهما جناح الذل من الرحمة } في سورة الإسراء ( 24 ) . والجَناح للطائر بمنزلة اليدين للدواب ، وبالجناحين يكون الطيران .

و { من المؤمنين } بيان { لمن اتبعك } فإن المراد المتابعة في الدين وهي الإيمان . والغرض من هذا البيان التنويه بشأن الإيمان كأنه قيل : واخفض جناحك لهم لأجل إيمانهم كقوله تعالى : { ولا طائرٍ يطير بجناحيه } [ الأنعام : 38 ] وجبر لخاطر المؤمنين من قرابته . ولذلك لما نادى في دعائه صفيةَ قال : « عمة رسول الله » ولما نادى فاطمة قال : « بنت رسول الله » تأنيساً لهما ، فهذا من خفض الجناح ، ولم يقل مثل ذلك للعباس لأنه كان يومئذ مشركاً .