الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَٱخۡفِضۡ جَنَاحَكَ لِمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (215)

الطائر إذا أراد أن ينحط للوقوع كسر جناحه وخفضه ، وإذا أراد أن ينهض للطيران رفع جناحه ، فجعل خفض جناحه عند الانحطاط مثلاً في التواضع ولين الجانب ، ومنه قول بعضهم :

وَأَنْتَ الشَّهِيرُ بِخَفْضِ الْجَنَاحِ *** فَلاَ تَكُ فِي رَفْعِهِ أَجْدَلاَ

ينهاه عن التكبر بعد التواضع .

فإن قلت : المتبعون للرسول هم المؤمنون ، والمؤمنون هم المتبعون للرسول ، فما ( معنى ) قوله : { لِمَنِ اتبعك مِنَ المؤمنين } ؟ قلت : فيه وجهان : أن يسميهم قبل الدخول في الإيمان مؤمنين لمشارفتهم ذلك ، وأن يريد بالمؤمنين المصدّقين بألسنتهم ، وهم صنفان : صنف صدّق واتبع رسول الله فيما جاء به ، وصنف ما وجد منه إلا التصديق فحسب ، ثم إمّا أن يكونوا منافقين أو فاسقين ، والمنافق والفاسق لا يخفض لهما الجناح . والمعنى : من المؤمنين من عشيرتك وغيرهم ، يعني : أنذر قومك فإن اتبعوك وأطاعوك فاخفض لهم جناحك .