القول في تأويل قوله تعالى : { اشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدّواْ عَن سَبِيلِهِ إِنّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } .
يقول جلّ ثناؤه : ابتاع هؤلاء المشركون الذين أمركم الله أيها المؤمنون بقتلهم حيث وجدتموهم بتركهم اتباع ما احتجّ الله به عليهم من حججه يسيرا من العوض قليلاً من عرض الدنيا وذلك أنهم فيما ذكر عنهم كانوا نقضوا العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم بأكلة أطعمهموها أبو سفيان بن حرب .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : اشْتَرُوا بآياتِ اللّهِ ثَمَنا قَلِيلاً قال : أبو سفيان بن حرب أطعم حلفاءه ، وترك حلفاء محمد صلى الله عليه وسلم .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله . وأما قوله : فَصَدّوا عَنْ سَبِيلِهِ فإن معناه : فمنعوا الناس من الدخول في الإسلام ، وحاولوا ردّ المسلمين عن دينهم . إنّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْلَمُونَ يقول جلّ ثناؤه : إن هؤلاء المشركين الذين وصفت صفاتهم ، ساء عملهم الذي كانوا يعملون من اشترائهم الكفر بالإيمان والضلالة بالهدى ، وصدّهم عن سبيل الله من آمن بالله ورسوله أو من أراد أن يؤمن .
وقوله تعالى : { اشتروا بآيات الله } الآية اللازم من ألفاظ هذه الآية أن هذه الطائفة الكافرة الموصوفة بما تقدم لما تركت آيات الله ودينه وآثرت الكفر وحالها في بلادها كل ذلك كالشراء والبيع ، لما كان ترك قد مكنوا منه وأخذ لما يمكن نبذه ، وهذه نزعة مالك رحمه الله في منع اختيار المشتري فيما تختلف آحاد جنسه ولا يجوز التفاضل فيه{[5535]} ، وقد تقدم ذكر ذلك في سورة البقرة وقوله { فصدوا عن سبيله } يريد صدوا أنفسهم وغيرهم ، ثم حكم عليهم بأن عملهم سيء ، و { ساء } في هذه الآية إذ لم يذكر مفعولها يحتمل أن تكون مضمنة كبئس ، فأما إذا قلت ساءني فعل زيد فليس تضمين بوجه ، وإن قدرت في هذه الآية مفعولاً زال التضمين ، وروي أن أبا سفيان بن حرب جمع بعض العرب على طعام وندبهم إلى وجه من وجوه النقض فأجابوا إلى ذلك فنزلت الآية ، وقال بعض الناس : هذه في اليهود .
قال القاضي أبو محمد : وهذا القول وإن كانت ألفاظ هذه الآية تقتضيه فما قبلها وما بعدها يرده ويتبرأ منه ، ويختل أسلوب القول به .
موقع هذه الجملة موقع الاستئناف الابتدائي المشعر استئنافه بعجيب حالهم فيصد استقلاله بالإخبار . وهذه الآية وصفَ القرآن فيها المشركين بمثل ما وصف به أهل الكتاب في سورة البقرة : من الاشتراء بآيات الله ثمناً قليلاً ، ثم لم يوصفوا بمثل هذا في آيةٍ أخرى نزلت بعدها لأنّ نزولها كان في آخر عهد المشركين بالشرك إذ لم تطل مدة حتّى دخلوا في دين الله أفواجاً ، سنةَ الوفود وما بعدها ، وفيها دلالة على هؤلاء الذين بقُوا على الشرك من العرب ، بعد فتح مكة وظهور الإسلام على معظم بلاد العرب ، ليس لهم افتراء في صحة الإسلام ونهوض حجّته ، ولكنه بقُوا على الشرك لمنافع يجتنونها من عوائِد قومهم : من غارات يشنّها بعضهم على بعض ، ومحبّة الأحوالِ الجاهلية من خمر وميسر وزنى ، وغير ذلك من المَذمات واللذّات الفائدة ، وذلك شيء قليل « آثروه على الهدى والنجاة في الآخرة . فلكون آيات صدق القرآن أصبحت ثابتة عندهم جعلت مِثل مال بأيديهم ، بذلوه وفرّطوا فيه لأجل اقتناء منافع قليلة ، فلذلك مُثّل حالهم بحال من اشترى شيئاً بشيء ، وقد مضى الكلام على مثل هذه الآية في سورة البقرة ( 16 ) .
والمراد ب« الآيات » الدلائل ، وهي دلائل الدعوة إلى الإسلام ، وأعظمها القرآن لما اشتمل عليه من البراهين والحجاج والإعجاز والباء في قوله : { بآيات الله } باء التعويض . وشأنها أن تدخل على ما هو عوض يبذله مالكه لأخذ معوّض يملكه غيره ، فجعلت آيات الله كالشيء المملوك لهم لأنها تقررت دلالتها عندهم ثم أعرضوا عنها واستبدلوها باتّباع هواهم .
والتعبير عن العوض المشترى باسم ثمن الذي شأنه أن يكون مبذولاً لا مقتنى جارٍ على طريق الاستعارة تشبيهاً لمنافع أهوائهم بالثمن المبذول فحصُل من فعل { اشتروا } ومن لفظ { ثمناً } استعارتان باعتبارين .
وجملة : { فصدوا عن سبيله } مفرّعة على جملة { اشتروا بآيات الله } لأنّ إيثارهم البقاء على كفرهم يتسبّب عليه أن يصدّوا الناس عن اتّباع الإسلام ، فمثّل حالهم بحال من يصدّ الناس عن السير في طريق تبلّغ إلى المقصود .
ومفعول { صدّوا } محذوف لقصد العموم ، أي : صدّوا كل قاصد .
وجملة : { إنهم ساء ما كانوا يعملون } ابتدائية أيضاً ، فصلت عن التي قبلها ليظهر استقلالها بالإخبار ، وأنّها لا ينبغي أن تعطف في الكلام ، إذ العطف يجعل الجملة المعطوفة بمنزلة التكملة للمعطوفة عليها .
وافتتحت بحرف التأكيد للاهتمام بهذا الذم لهم .
و { ساء } من أفعال الذم ، من باب بئس ، و { ما كانوا يعملون } مخصوص بالذم .
وعبّر عن عملهم ب { كَانوا يعملون } للإشارة إلى أنّه دأب لهم ومتكرّر منهم .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
ثم أخبر عنهم، فقال: {اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا}، يعنى باعوا إيمانا بالقرآن بعرض من الدنيا يسير، وذلك أن أبا سفيان كان يعطي الناقة والطعام والشيء ليصد بذلك الناس عن متابعة النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك قوله: {فصدوا} الناس {عن سبيله}، أي عن سبيل الله، يعني عن دين الله، وهو الإسلام، {إنهم ساء} يعني بئس {ما كانوا يعملون} [آية:9] يعني بئس ما عملوا بصدهم عن الإسلام...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول جلّ ثناؤه: ابتاع هؤلاء المشركون الذين أمركم الله أيها المؤمنون بقتلهم حيث وجدتموهم بتركهم، اتباع ما احتجّ الله به عليهم من حججه يسيرا من العوض قليلاً من عرض الدنيا، وذلك أنهم فيما ذكر عنهم كانوا نقضوا العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم بأكلة أطعمهموها أبو سفيان بن حرب...
وأما قوله:"فَصَدّوا عَنْ سَبِيلِهِ" فإن معناه: فمنعوا الناس من الدخول في الإسلام، وحاولوا ردّ المسلمين عن دينهم.
"إنّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْلَمُونَ "يقول جلّ ثناؤه: إن هؤلاء المشركين الذين وصفت صفاتهم، ساء عملهم الذي كانوا يعملون من اشترائهم الكفر بالإيمان والضلالة بالهدى، وصدّهم عن سبيل الله من آمن بالله ورسوله أو من أراد أن يؤمن.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
(اشتروا بآيات الله) تحتمل آيات الله القرآن ومحمدا، وتحتمل آياته دينه. وقوله تعالى: (فصدوا عن سبيله) أي صدوا الناس عن متابعة النبي، وقيل صدوا الناس عن دين الله الإسلام...
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
واصل الاشتراء: استبدال ما كان من المتاع بالثمن، ونقيضه البيع، وهو العقد على تسليم المتاع بالثمن. والصد هو المنع...
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي 468 هـ :
{اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا} استبدلوا بالقرآن متاع الدنيا {فصدوا عن سبيله} فأعرضوا عن طاعته {إنهم ساء} بئس {ما كانوا يعملون} من اشترائهم الكفر بالإيمان...
تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :
قال الحسن البصري: الدنيا بحذافيرها ثمن قليل. ومعنى الآية: أنهم اختاروا الدنيا على رضا الله وعلى الإيمان بآيات الله...
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{اشتروا} استبدلوا {بآيات الله} بالقرآن والإسلام {ثَمَناً قَلِيلاً} وهو اتباع الأهواء والشهوات {فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ} فعدلوا عنه أو صرفوا غيرهم. وقيل: هم الأعراب الذين جمعهم أبو سفيان وأطعمهم.
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :
يعني: أنهم اعتاضوا عن اتباع آيات الله بما التهوا به من أمور الدنيا الخسيسة،... {فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ} أي: منعوا المؤمنين من اتباع الحق.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
لما قدم ما ترى من كشف سرائرهم، شرع سبحانه يقيم لهم الدليل على فسقهم وخيانتهم بتذكيرهم ما بدا من بعضهم من النقض بعد أن أثبت فيما مضى أنهم شرع واحد بعضهم أولياء بعض، وفيما يأتي أنهم بعضهم من بعض، فقال معبراً بما يفيد أنهم تمكنوا من ضد الإيمان تمكناً صار به كأنه في حوزتهم: {اشتروا} أي لجوا في أهويتهم بعد قيام الدليل الذي لا يشكون فيه فأخذوا {بآيات الله} أي الذي لا شيء مثله في جلال ولا جمال على ما لها من العظم في أنفسها وبإضافتها إليه {ثمناً قليلاً} من أعراض الدنيا فرضوا بها مع مصاحبة الكفر، ولما دل على ما أخبر به من فساد قلوبهم، استأنف بيان ما استحقوه من عظيم الذم بقوله معجباً منهم: {إنهم ساء ما} وبين عراقتهم في القبائح وأنها في جبلتهم بذكر الكون فقال: {كانوا يعملون} أي يجددون عمله في كل وقت...
تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :
هذا بيان مستأنف لمن عساه يستغرب غلبة الفسق والخروج من دائرة الفضائل الفطرية والتقليدية على أكثرهم حتى مراعاة القرابة والوفاء بالعهد الممدوحين عندهم، ويسأل عن سببه، وجوابه: {اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا} أي إنهم استبدلوا بآيات الله الدالة على وجوب توحيده بالعبادة، وعلى بعثه للناس وجزائهم على أعمالهم وعلى الوحي والرسالة وما فيها من الهداية، ثمنا قليلا من متاع الدنيا، وهو ما هم فيه من أسباب المعيشة، وكثيره عند كبرائهم قليل بالنسبة إلى ما عند غيرهم من أمم الحضارة، وما عند أغنى هؤلاء قليل بالإضافة إلى ما وعد الله تعالى المؤمنين في الدنيا، وأن ما وعدهم به في الآخرة لهو خير وأبقى.
وقيل: إن المراد بآيات الله تعالى العهود والأيمان أو ما دل على وجوب الوفاء بها من كتابه، وروي أن أبا سفيان لما أراد حمل قريش وحلفائها على نقض عهد الحديبية صنع لهم طعاما استمالهم به فأجابوه إليه، فهو المراد بالثمن القليل، وعن ابن عباس أن أهل الطائف أمدوهم بالمال لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأول هو الظاهر، وهو المناسب لما بعده المعطوف عليه بفاء السببية من قوله تعالى: {فصدوا عن سبيله...}، وصد يستعمل لازما فيقال صد فلان عن الشيء صدودا بمعنى أعرض عنه وانصرف فلم يلو عليه، ومتعديا فيقال: صده عنه إذا صرفه ولفته عنه وزهده فيه أو منعه منه بالقوة، ويصح إرادة المعنيين هنا أي فصدوا بسبب هذا الشراء الخسيس، وأعرضوا عن سبيل الله وهو الإسلام وما يقتضيه من الوفاء بالعهود، وصدوا غيرهم وصرفوهم عنه أيضا.
{إنهم ساء ما كانوا يعملون} أي إنهم ساء عملهم الذي كانوا يعملونه من اشتراء الكفر بالإيمان والضلالة بالهدى، والصدود والصد عن دين الله وما جاء به رسوله من البينات والحق.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
.. وهذا هو السبب الأصيل لهذا الحقد الدفين عليكم، وإضمار عدم الوفاء بعهودكم، والانطلاق في التنكيل بكم -لو قدروا- من كل تحرج ومن كل تذمم.. إنه الفسوق عن دين الله، والخروج عن هداه، فلقد آثروا على آيات الله التي جاءتهم ثمنا قليلا من عرض هذه الحياة الدنيا يستمسكون به ويخافون فوته. وقد كانوا يخافون أن يضيع عليهم الإسلام شيئا من مصالحهم؛ أو أن يكلفهم شيئا من أموالهم! فصدوا عن سبيل الله بسبب شرائهم هذا الثمن القليل بآيات الله. صدوا أنفسهم وصدوا غيرهم [فسيجيئ أنهم أئمة الكفر].. أما فعلهم هذا فهو الفعل السيء الذي يقرر الله سوءه الأصيل:
ثم إنهم لا يضمرون هذا الحقد لأشخاصكم؛ ولا يتبعون تلك الخطة المنكرة معكم بذواتكم.. إنهم يضطغنون الحقد لكل مؤمن؛ ويتبعون هذا المنكر مع كل مسلم.. إنهم يوجهون حقدهم وانتقامهم لهذه الصفة التي أنتم عليها.. للإيمان ذاته.. كما هو المعهود في كل أعداء الصفوة الخالصة من أهل هذا الدين، على مدار التاريخ والقرون.. فكذلك قال السحرة لفرعون وهو يتوعدهم بأشد أنواع التعذيب والتنكيل والتقتيل: (وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا).. وكذلك قال رسول الله [ص] لأهل الكتاب بتوجيه من ربه: (قل: يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله؟) وقال سبحانه عن أصحاب الأخدود الذين أحرقوا المؤمنين: (وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد). فالإيمان هو سبب النقمة، ومن ثم هم يضطغنون الحقد لكل مؤمن، ولا يراعون فيه عهدا ولا يتذممون من منكر:
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
وهذه الآية وصفَ القرآن فيها المشركين بمثل ما وصف به أهل الكتاب في سورة البقرة: من الاشتراء بآيات الله ثمناً قليلاً، ثم لم يوصفوا بمثل هذا في آيةٍ أخرى نزلت بعدها لأنّ نزولها كان في آخر عهد المشركين بالشرك إذ لم تطل مدة حتّى دخلوا في دين الله أفواجاً، سنةَ الوفود وما بعدها، وفيها دلالة على هؤلاء الذين بقُوا على الشرك من العرب، بعد فتح مكة وظهور الإسلام على معظم بلاد العرب، ليس لهم افتراء في صحة الإسلام ونهوض حجّته، ولكنه بقُوا على الشرك لمنافع يجتنونها من عوائِد قومهم: من غارات يشنّها بعضهم على بعض، ومحبّة الأحوالِ الجاهلية من خمر وميسر وزنى، وغير ذلك من المَذمات واللذّات الفائدة، وذلك شيء قليل « آثروه على الهدى والنجاة في الآخرة. فلكون آيات صدق القرآن أصبحت ثابتة عندهم جعلت مِثل مال بأيديهم، بذلوه وفرّطوا فيه لأجل اقتناء منافع قليلة، فلذلك مُثّل حالهم بحال من اشترى شيئاً بشيء
زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :
إن الصفة العامة في المشركين أنهم غرتهم الحياة الدنيا والأماني فيها، والأهواء ومتاع الحياة الدنيا، فكان الوصف العام أنهم اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا، وآيات الله تعالى الدلائل الدالة على وحدانيته، إذ هو الذي خلق كل شيء بديع السماوات والأرض، وأنه الواحد الأحد الفرد الصمد، وأنه وحده الجدير بأن يعبد ولا معبود بحق سواه، وقد بعث الله تعالى محمدا رسولا، مبشرا ونذيرا، ومعه القرآن الحجة الكبرى القائمة إلى يوم القيامة، كانت هذه الآيات كونية ومتلوة تدعوهم للإيمان، وعدم الشرك، ولكنهم تركوها، ولم يلتفتوا إليها، واستبدلوا بها هواءهم، ومتعهم من سلطان غرهم، وذلك ثمن بخس قليل لا يساوي شيئا بجوار ما تركوه من حق خالد.قوله تعالى: {سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}، فيه معنى التعجب، أي ما أسوأ ما كانوا يعملون، وأن الفعل المضارع يدل على تجدد حالهم الفاسدة، و {كانوا} دالة على دوام هذه الحال فيهم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
وفي الآية التالية بيان لبعض علائم فسقهم وعصيانهم، إذ أعربت الآية عن ذلك على النحو التالي (اشتروا بآيات الله ثمناً قليلا فصدوا عن سبيله).
وقد جاء في بعض الرّوايات أن أبا سفيان أقام مأدبة ودعا إليها جماعةً من الناس، ليثير حفيظتهم وعداوتهم بوجه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن هذا الطريق.
ويعتقد بعض المفسّرين أنّ الآية محل البحث تشير إِلى هذه القصة، إلاّ أن الظاهر أن الآية ذات مفهوم واسع يشمل هذه القصّة وما شاكلها حيث أغمضوا أعينهم وصدوا عن سبيل الله وآياته من أجل منافعهم المادية التي لا تدوم طويلا.
ثمّ تعقب الآية بالقول: (إنّهم ساء ما كانوا يعملون) فقد خسروا طريق السعادة وضيعوها، وحّرموا الهداية، وهُم في الوقت ذاته أوصدوا الطريق بوجه الآخرين، وأي عمل أسوأ من أن يحمل الإنسان وزره ووزر سواه!