جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٞ وَمِن فَوۡقِهِمۡ غَوَاشٖۚ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلظَّـٰلِمِينَ} (41)

القول في تأويل قوله تعالى : { لَهُمْ مّن جَهَنّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظّالِمِينَ } .

يقول جلّ ثناؤه : لهؤلاء الذين كذّبوا بآياتنا واستكبروا عنها مِنْ جَهَنّم مِهادٌ وهو ما امتهدوه مما يقعد عليه ويضطجع كالفراش الذي يُفرش والبساط الذي يُبسط . وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وهو جمع غاشية ، وذلك ما غشاهم فغطاهم من فوقهم .

وإنما معنى الكلام : لهم من جهنم مهاد ، من تحتهم فرش ومن فوقهم منها لُحُف ، وإنهم بين ذلك .

وبنحو ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن موسى بن عبيدة ، عن محمد بن كعب : لَهُمْ مِنْ جَهَنّمَ مِهادٌ قال : الفراش ، وَمِنْ فَوْقِهِمْ غوَاشٍ قال : اللحف .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا جابر بن نوح ، عن أبي روق ، عن الضحاك : لَهُمْ مِنْ جَهَنّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ قال : المهاد : الفرش ، والغواشي : اللحف .

حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن مفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : لَهُمْ مِن جَهَنّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ أما المِهاد لهم : كهيئة الفراش ، والغواشي : تتغشاهم من فوقهم .

وأما قوله وكَذلكَ نَجْزِي الظّالِمِينَ : فإنه يقول : وكذلك نثيب ونكافىء من ظلم نفسه فأكسبها من غضب الله ما لا قبل لها به بكفره بربه وتكذيبه أنبياءه .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٞ وَمِن فَوۡقِهِمۡ غَوَاشٖۚ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلظَّـٰلِمِينَ} (41)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

ثم ذكر ما أعد لهم في النار، فقال: {لهم من جهنم مهاد}، يعني فراش من نار، {ومن فوقهم غواش}، يعني لحفا، يعني ظللا من النار، وذلك قوله في الزمر: {لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل} (الزمر: 17)، يقول: {وكذلك}، يعني وهكذا، {نجزي الظالمين} جهنم، وما فيها من العذاب.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول جلّ ثناؤه: لهؤلاء الذين كذّبوا بآياتنا واستكبروا عنها:"لهم مِنْ جَهَنّم مِهادٌ" وهو ما امتهدوه مما يقعد عليه ويضطجع كالفراش الذي يُفرش والبساط الذي يُبسط. "وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ"، وهو جمع غاشية، وذلك ما غشاهم فغطاهم من فوقهم. وإنما معنى الكلام: لهم من جهنم مهاد، من تحتهم فرش ومن فوقهم منها لُحُف، وإنهم بين ذلك...

وأما قوله "وكَذلكَ نَجْزِي الظّالِمِينَ": فإنه يقول: وكذلك نثيب ونكافئ من ظلم نفسه فأكسبها من غضب الله ما لا قبل لها به بكفره بربه وتكذيبه أنبياءه...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

لهم من جهنم مهاد، وجهنم، اشتقاقه من الجهومة، وهي الغلظ، رجل جهم الوجه غليظه، فسميت بهذا لغلظ أمرها في العذاب، نعوذ بالله منها. وقوله "ومن فوقهم غواش "فالغواش لباس مجلل، ومنه غاشية السرج، ومنه غشي المرض، والغشاوة التي تكون على الولد. وقوله "وكذلك نجزي الظالمين" أي مثل ما نجزي هؤلاء المكذبين بآيات الله المستكبرين عنها نجزي كل ظالم وكل كافر.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

كما أحاطت العقوبات بهم في الدنيا فَتَدَنَّس بالغفلة باطنُهم، وتلوَّثَ بالزَّلة ظاهرهم، فكذلك أحاطت العقوبات بجوانبهم؛ فَمِنْ فوقهم عذاب ومن تحتهم عذاب، وكذلك من جوانبهم في القلب من ضيق العيش واستيلاء الوحشة ما يفي ويزيد على الكل.

أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي 685 هـ :

{وكذلك نجزي الظالمين} عبر عنهم بالمجرمين تارة وبالظالمين أخرى إشعارا بتكذيبهم الآيات اتصفوا بهذه الأوصاف الذميمة، وذكر الجرم مع الحرمان من الجنة والظلم مع التعذيب بالنار تنبيها على أنه أعظم الإجرام...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{وكذلك} أي ومثل ذلك الجزاء {نجزي الظالمين} ليعرف أن المدار على الوصف، والمجرم: المذنب، ومادته ترجع إلى القطع. والظالم: الواضع للشيء في غير موضعه كفعل من يمشي في الظلام، يجوز أن يكون نبه سبحانه بتغاير الأوصاف على تلازمها، فمن كان ظالماً لزمه الإجرام والتكذيب والاستكبار وبالعكس...

تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :

{وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِين} أي ومثل هذا الجزاء نجزي جنس الظالمين لأنفسهم وللناس بشرطه الذي ذكر في المجرمين آنفا. وأفادت الآيتان أن المجرمين والظالمين الراسخين في صفتي الإجرام والظلم هم الكافرون، وأن المؤمنين لا يكونون كذلك، كما قال: {والكافرين هم الظالمون} (البقرة 254) وهذا تحقيق القرآن والناس في غفلة عنه ولذلك خالفوه في عرفه...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

فلهم من نار جهنم من تحتهم فراش، يدعوه -للسخرية- مهاداً، وما هو مهد ولا لين ولا مريح!

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وذلك كناية عن انتفاء الرّاحة لهم في جهنّم، فإنّ المرء يحتاج إلى المهاد والغاشية عند اضطجاعه للرّاحة، فإذا كان مهادهم وغاشيتهم النّار فقد انتفت راحتهم، وهذا ذِكر لعذابهم السّوء بعد أن ذكر حِرمانهم من الخير.