جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{فَأَلۡقَىٰ مُوسَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلۡقَفُ مَا يَأۡفِكُونَ} (45)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَأَلْقَىَ مُوسَىَ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَأُلْقِيَ السّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُواْ آمَنّا بِرَبّ الْعَالَمِينَ * رَبّ مُوسَىَ وَهَارُونَ } .

يقول تعالى ذكره : فَأْلَقى مُوسَى عَصَاهُ حين ألقت السحرة حبالهم وعصيهم ، فَإذَا هيَ تَلْقَفُ مَا يأْفِكُونَ يقول : فإذا عصا موسى تزدرد ما يأتون به من الفِرْية والسحر الذي لا حقيقة له ، وإنما هو مخاييل وخدعة فَأُلْقِيَ السّحَرَة ساجدِينَ يقول : فلما تبين السحرة أن الذي جاءهم به موسى حقّ لا سحر ، وأنه مما لا يقدر عليه غير الله الذي فطر السموات والأرض من غير أصل ، خرّوا لوجوههم سجدا لله ، مذعنين له بالطاعة ، مقرّين لموسى بالذي أتاهم به من عند الله أنه هو الحقّ ، وأن ما كانوا يعملونه من السحر باطل ، قائلين : آمَنّا بِرَبّ الْعَالَمِينَ الذي دعانا موسى إلى عبادته دون فرعون وملئه رَبّ مُوسَى وَهَارُونَ . قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أنْ آذَنَ لَكُمْ يقول جلّ ثناؤه : قال فرعون للذين كانوا سحرته فآمنوا : آمنتم لموسى بأن ما جاء به حقّ قبل أن آذن لكم في الإيمان به إنّهُ لَكَبِيرُكُمُ الّذِي عَلّمَكُمُ السّحْرَ يقول : إن موسى لرئيسكم في السحر ، وهو الذي علّمكموه ، ولذلك آمنتم به ، فَلَسَوْفَ تَعْلمَونُ عند عقابي إياكم وبالَ ما فعلتم ، وخطأ ما صنعتم من الإيمان به .