جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَٰذِرُونَ} (56)

وقوله وَإنّا لَجِمِيعٌ حاذِرونَ اختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الكوفة وَإنّا لَجِمِيعٌ حاذِرونَ بمعنى : أنهم معدون مؤدون ذوو أداة وقوّة وسلاح . وقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة : «وَإنّا لَجَمِيعٌ حَذِرُونَ » بغير ألف . وكان الفرّاء يقول : كأن الحاذر الذي يحذرك الاَن ، وكأن الحذر المخلوق حذرا لا تلقاه إلا حذرا ومن الحذر قول ابن أحمر :

هَلْ أُنْسَأَنْ يَوْما إلى غَيْرِهِ *** إنّي حَوَالِيّ وآنّي حَذِرْ

والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان مستفيضتان في قرّاء الأمصار متقاربتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء ، فمصيب الصواب فيه . وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، قال : سمعت الأسود بن زيد يقرأ : وَإنّا لَجِمِيعٌ حاذِرُونَ قال : مقوون مؤدون .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا عيسى بن عبيد ، عن أيوب ، عن أبي العرجاء عن الضحاك بن مزاحم أنه كان يقرأ : وَإنّا لَجِمِيعٌ حاذِرُونَ يقول : مؤدون .

حدثنا موسى ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي في قوله : وَإنّا لَجِمِيعٌ حاذِرُونَ يقول : حذرنا ، قال : جمعنا أمرنا .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج وَإنّا لَجِمِيعٌ حاذِرُونَ قال : مؤدون معدون في السلاح والكراع .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج أبو معشر ، عن محمد بن قيس قال : كان مع فرعون ستّ مئة ألف حصان أدهم سوى ألوان الخيل .

حدثنا عمرو بن عليّ ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا سليمان بن معاذ الضبي ، عن عاصم بن بهدلة ، عن أبي رزين ، عن ابن عباس أنه قرأها : وَإنّا لَجِمِيعٌ حاذِرُونَ قال : مؤدون مقوون .