التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ ءَالِهَةٗ لِّيَكُونُواْ لَهُمۡ عِزّٗا} (81)

ثم تسوق السورة الكريمة بعد ذلك ألوانا أخرى من رذائل المشركين ، فتحكى اعتزازهم بأوثانهم ، ونثبت عداوة هذه الأوثان لهم يوم القيامة ، وتبشر المؤمنين برضا الله - تعالى - عنهم . وتنذر الكافرين بالسوق إلى جهنم . . . قال - تعالى - : { واتخذوا . . } .

الضمير فى قوله : { واتخذوا } يعود إلى أولئك الكافرين الذين ذكر القرآن فيما سبق بعض رذائلهم ودعاواهم الكاذبة ، ولما تنته بعد .

أى : واتخذ هؤلاء الجاهلون آلهة باطلة يعبدونها من دون الله - تعالى - لتكون لهم تلك الآلهة { عِزّاً } أى - لينالوا بها العزة والشفاعة والنصرة والنجاة من عذاب يوم القيامة .

فقد حكى القرآن أنهم كانوا إذا سئلوا عن سبب عبادتهم لهذه الأصنام التى لا تنفع ولا تضر قالوا : { مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى الله زلفى } وقالوا : { هؤلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ الله . . . }

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ ءَالِهَةٗ لِّيَكُونُواْ لَهُمۡ عِزّٗا} (81)

عطف على جملة { ويقول الإنسان أإذا ما مت } [ مريم : 66 ] فضمير { اتخذوا } عائد إلى الذين أشركوا لأنّ الكلام جرى على بعض منهم .

والاتخاذ : جعل الشخص الشيءَ لنفسه ، فجعل الاتخاذ هنا الاعتقاد والعبادة . وفي فعل الاتخاذ إيماء إلى أن عقيدتهم في تلك الآلهة شيء مصطلح عليه مختلق لم يأمر الله به كما قال تعالى عن إبراهيم : { قال أتعبدون ما تنحتون } [ الصافات : 95 ] .

وفي قوله { من دون الله } إيماء إلى أن الحق يقتضي أن يتّخذوا الله إلهاً ، إذ بذلك تقرّر الاعتقاد الحق من مبدأ الخليقة ، وعليه دلّت العقول الراجحة .

ومعنى { ليكون لهم عزاً } ليكونوا مُعزّين لهم ، أي ناصرين ، فأخبر عن الآلهة بالمصدر لتصوير اعتقاد المشركين في آلهتهم أنّهم نفس العزّ ، أي إن مجرد الانتماء لها يكسبهم عزّاً .

وأجرى على الآلهة ضمير العاقل لأنّ المشركين الذين اتخذوهم توهموهم عقلاء مدبرين .