التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ مَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنۡهَا مَحِيصٗا} (121)

وقوله { أولئك مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلاَ يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصاً } بيان لسوء مصير الذين انقادوا للشيطان واتبعوا خطواته .

والمحيص : المهرب والملجأ . وهو اسم مكان أو مصدر ميمى يقال حاص عنه يحيص حيصاً وحيوصاً ومحيصا أى : عدل وحاد .

أى : أولئك الذين اتبعوا خطوات الشيطن وساروا فى ركابه ، مستقرهم جميعا جهنم ، ولا يجدون ملجأ دونها يلتجئون إليه ، أو مهربا يهربون منه لينجوا من عذابها ، وإنما يبقون فيها دون أن يتمكنوا من الخروج منها .

وبهذا نرى أن هذه الآيات الكريمة قد حذرت أشد التحذير من الإشراك بالله -تعالى - ومن اتباع وساوس الشيطان وخداع ووعوده الباطلة ، وأمانيه الخادعة ، وهددت كل من يهجر طريق الرشد . ويسلك طريق الغى بالعذاب الشديد الذى لا مفر منه ولا مهرب .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ مَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنۡهَا مَحِيصٗا} (121)

ثم أخبر تعالى بمصير المتخذين الشيطان ولياً وتوعدهم بأن { مأواهم جهنم } ، ولا يدافعونها بحيلة ، ولا يعدلون عنها ، ولا ينحرفون ولا يتروغون ، و «المحيص » مفعول من حاص إذا راغ ونفر ، ومنه قول الشاعر [ جعفر بن علبة الحارثي ] : [ الطويل ]

وَلَمْ أَدْرِ إنْ حِصْنَا مِنَ الْمَوْتِ حِيصَةً كَمِ العُمْرُ باقٍ والْمَدَى مُتَطَاوِلُ{[4289]}

ومنه الحديث ، فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب ، يقال حاص الرجل من كذا ، وجاض بالجيم والضاد المنقوطة إذا راغ بنفور ، ولغة القرآن الحاء والصاد غير منقوطة{[4290]} .


[4289]:- البيت لجعفر بن علبة الحارثي، وفي رواية الحماسة: ولم ندر إن جضنا من الموت جيضة ...................... بنون الجمع- وبالجيم والضاد، والمعنى-على هذا- هو ما شرحه ابن عطية، وقال بعده: إن لغة القرآن بالصاد والحاء.
[4290]:- الحيص: الحيد عن الشيء، ويقال: ما عنه محيص، أي: محيد ومهرب، قال في اللسان: "وفي حديث يرويه ابن عمر أنه ذكر قتالا وأمرا: فحاص المسلمون حيصة، ويُروى: فجاض جيضة، معناهما واحد-وفي حديث أنس: لما كان يوم احد حاص المسلمون حيصة، قالوا: قُتل محمد" اهـ. (حيص).
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ مَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنۡهَا مَحِيصٗا} (121)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

{أُولَئِكَ}: هؤلاء الذين اتخذوا الشيطان وليا من دون الله،

{مَأْوَاهُمْ جَهَنّمُ}: مصيرهم الذي يصيرون إليه جهنم،

{وَلا يَجِدُونَ عَنْها مْحيصا}: لا يجدون عن جهنم إذا صيرهم الله إليها يوم القيامة، معدلاً يعدلون إليه.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{محيصا} قيل: مفرا: وقيل: ملجأ...

الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :

{وَلاَ يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصاً} أي منعاً...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

ثم أخبر تعالى بمصير المتخذين الشيطان ولياً وتوعدهم بأن {مأواهم جهنم}، ولا يدافعونها بحيلة، ولا يعدلون عنها، ولا ينحرفون ولا يتروغون، و «المحيص» مفعول من حاص إذا راغ ونفر.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

قال تعالى: {أولئك ماوأهم جهنم}؛ اعلم أنا ذكرنا أن الغرور عبارة عن الحالة التي تحصل للإنسان عند وجدان ما يستحسن ظاهره إلا أنه يعظم تأذيه عند انكشاف الحال فيه، والاستغراق في طيبات الدنيا والانهماك في معاصي الله سبحانه وإن كان في الحال لذيذا إلا أن عاقبته عذاب جهنم وسخط الله والبعد عن رحمته، فكان هذا المعنى مما يقوي ما تقدم ذكره من أنه ليس إلا الغرور

ثم قال تعالى {ولا يجدون عنها محيصا} المحيص المعدل والمفر. قال الواحدي رحمه الله: هذه الآية تحتمل وجهين: أحدهما: أنه لابد لهم من ورودها. الثاني: التخليد الذي هو نصيب الكفار، وهذا غير بعيد لأن الضمير في قوله {ولا يجدون} عائد إلى الذين تقدم ذكرهم، وهم الذين قال الشيطان: لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا. والأظهر أن الذي يكون نصيبا للشيطان هم الكفار.

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

قوله: أي: المستحسنون له فيما وعدهم ومناهم {مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ} أي: مصيرهم ومآلهم يوم حسابهم {وَلا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا} أي: ليس لهم عنها مندوحة ولا مصرف، ولا خلاص ولا مناص...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

جيء باسم الإشارة في قوله: {أولئك مأواهم جهنّم} لتنبيه السامعين إلى ما يرد بعد اسم الإشارة من الخبر وأنّ المشار إليهم أحرياء به عقب ما تقدّم من ذكر صفاتهم...

زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :

أولئك الذين يعطون ولايتهم للشيطان ويخسرون فطرتهم السليمة ونفوسهم المستقيمة وعقولهم المدركة، تحت سلطان الأماني الكاذبة والأوهام الخادعة، لا يكون لهم مأوى يوم القيامة غير جهنم، ولا يجدون ملجأ دونها يلجئون إليه، فلا مفر منها ولا مهرب، وذلك جزاء إضرارهم لفطرتهم وانحرافهم عن الجادة، ويرميهم بغرور الشيطان، وإن ذلك يتبعه الأذى لبني الإنسان، وتركهم عبادة الديان، والإعراض عن الحق إذا جاءهم به رسل الله تعالى، وأنهم لا معدل لهم عنها ولا مهرب، وهذا معنى: {ولا يجدون عنها محيصا}.

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

كأن النار ستجذب أصحابها وهم لن يجدوا عنها محيصا أي لا مهرب ولا مفر ولا معدى، وكان باستطاعة الواحد منهم أن يفر من مخلوق مثله في دنيا الأغيار، ولكن حين يكون الأمر لله وحده فلا مفر.