ف { أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ } " أولئك " : مبتدأ ، و " مأواهم " : مبتدأ ثانٍ ، و " جهنم " : خبر الثَّانِي ، [ والجُمْلَة خبر الأوَّل ]{[9802]} وإنما قال : " مأواهُم جَهَنَّم " ؛ لأن الغُرُور عِبَارة عن الحَالَةِ التي يُسْتَحْسَنُ ظَاهِرُهَا ، ويَحْصُل النَّدَم عند انْكِشَاف الحَالِ فيها ، والاستِغَراق في طَيِّبَاتِ الدُّنْيَا ، وفي مَعَاصِي الله - تعالى - ، وإن كان في الحَالِ لَذِيذٌ ، إلا أن عَاقِبَتَهُ جَهَنَّم ، وسُخْطُ الله [ - تعالى - ]{[9803]} ، وهذا معنى الغُرُور .
ثم قال { وَلاَ يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصاً } ، فقوله " عَنْهَا " : يجُوز أن يَتعلَّق بِمَحْذُوف :
إمَّا على الحَالِ من " مَحِيصاً " لأنَّه في الأصْلِ صِفَةٌ نكرةٍ قُدِّمَتْ عليها ، وإمَّا على التَّبْيين أي : أعني عنها ، ولا يجوزُ تعلُّقُه بمحْذُوفٍ ؛ لأنه لا يتعدَّى ب " عَنْ " ولا ب " مَحِيصاً " ، وإنْ كان المَعْنَى عليه لأنَّ المَصْدَر لا يتقدَّمُ معمولُه عليه ، ومَنْ يَجُوِّزُ ذلك ، يُجَوِّزُ تعلُّق " عن " به ، والمَحِيصُ : اسمُ مَصْدر من حَاصَ يَحِيص : إذا خَلَص ونَجا ، وقيل : هو الزَّوَغَان بنُفُور ، ومنه قولُه : [ الطويل ]
وَلَمْ نَدْرِ إنْ حِصْنا مِنَ المَوْتِ حَيْصَةً *** كَمِ الْعُمْرُ بَاقٍ والمَدَى مُتَطَاوِلُ{[9804]}
ويروي : " جِضْنا " بالجيم والضَّاد المعجمة ، ومنه : " وَقَعُوا في حَيْصَ بَيْصَ " ، وحَاصَ بَاص ، أي : وقعوا في أمْرٍ يَعْسرُ التَّخلُّص منه ، ويقال : مَحِيص ومَحَاص ، قال : [ الكامل ]
أتَحِيصُ مِنْ حُكْمِ الْمَنِيَّةِ جَاهِداً *** مَا لِلرِّجَالِ عِنِ المَنُونِ مَحَاصُ{[9805]}
ويقال : حاصَ يَحُوص حَوْصاً وحِيَاصاً أي : زَايَل المكانَ الذي كان فيه ، والحَوْصُ : ضِيقُ مُؤخر العين ، ومنه : الأحْوَصُ .
قال الواحِدِي{[9806]} : الآية تَحْتَمِل وَجْهَيْن :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.