الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{أُوْلَـٰٓئِكَ مَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنۡهَا مَحِيصٗا} (121)

{ أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ } يعني مصيرهم جهنم { وَلاَ يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصاً } أي منعاً قال عوف : بلغني من المؤمن بكيده من الشيطان بأكثر من مضر لو أبدلهم الله له لمات ، وإن قيل خبرونا عن قول إبليس { لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً } [ النساء : 118 ] كيف علم ذلك ؟

يقال : قد قيل في هذا أجوبة ، منها : إن قالوا إنّ الله تبارك وتعالى كان خاطبه بقوله

{ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ } [ هود : 119 ] فعلم إبليس انه ينال من ذرية آدم ما يتمناه .

ومنها : ان قالوا إنه لما وسوس لآدم نال منه ما نال ، طمع في ولده ولم ينل من آدم جميع ما يتمناه من الغواية فكذلك طمع في بعض ولده وأيس من جميعهم .

ومنها ان قالوا ان ابليس قد عاين الجنة والنار وعلم ان الله خلقهما لأن يسكنهما من الناس والشياطين ، فعلى هذا التأويل قال { لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً } [ النساء : 118 ] وإن قيل : لخبرونا عن إضلال الشيطان هل إليه نجح فعله وانفاذ أمره أم لا ؟

يقال له : معنى إضلاله الدعاء إلى الضلالة والتزين له ولو كانت الضلالة إليه لأضل الخلق جميعاً ولذلك مَنّ به أباهم