التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلۡحَقُّ مِنۡ عِندِنَا قَالُوٓاْ إِنَّ هَٰذَا لَسِحۡرٞ مُّبِينٞ} (76)

ثم بين - سبحانه - ما تفوهوا به من أباطيل عندما جاءهم موسى بدعوته فقال : { فَلَمَّا جَآءَهُمُ الحق مِنْ عِندِنَا قالوا إِنَّ هذا لَسِحْرٌ مُّبِينٌ } .

أى : فلما وصل إليهم الحق الذي جاءهم به موسى - عليه السلام - من عندنا لا من غيرنا { قالوا } على سبيل العناد والحقد والغرور { إِنَّ هذا } الذي جئت به يا موسى { لَسِحْرٌ مُّبِينٌ } أى : لسحر واضح ظاهر لا يحتاج إلى تأمل أو تفكير .

والتعبير بقوله { جَآءَهُمُ } يفيد أن الحق قد وصل إليهم بدون تعب منهم ، فكان من الواجب عليهم - لو كانوا يعقلون - أن يتقبلوه بسرور واقتناع .

وفى قوله { مِنْ عِندِنَا } تصوير لشناعة الجريمة التي ارتكبوها في جانب الحق ، الذي جاءهم من عند الله - تعالى - لا من عند غيره .

والمراد بالحق هنا : الآيات والمعجزات التي جاهءم بها موسى - عليه السلام - لتكون دليلا على صدقه فيما يبلغه عن ربه .

وقولهم - كما حكى القرآن عنهم - { إِنَّ هذا لَسِحْرٌ مُّبِينٌ } بالقسم المؤكد : يدل على تبجحهم الذميم ، وكذبهم الأثيم ، حيث وفوا الحق الذي لا باطل معه بأنه سحر واضح ، وهكذا عندما تقسو القلوب وتفسق النفوس ، تتحول الحقائق في زعمها إلى أكاذيب وأباطيل .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلۡحَقُّ مِنۡ عِندِنَا قَالُوٓاْ إِنَّ هَٰذَا لَسِحۡرٞ مُّبِينٞ} (76)

يريد ب { الحق } آيتي العصا واليد ، ويدل على ذلك قولهم عندهما : هذا سحر ولم يقولوا ذلك إلا عندهما ولا تعاطوا إلا مقاومة العصا فهي معجزة موسى عليه السلام التي وقع فيها عجز المعارض ، وقرأ جمهور الناس : «لسحر مبين » وقرأ سعيد بن جبير والأعمش : «لساحر مبين »{[6186]} .


[6186]:- على قراءة الجمهور تكون [هذا] إشارة إلى الفعل الذي حدث للعصا. وعلى قراءة سعيد الأعمش تكون [هذا] إشارة إلى موسى عليه السلام.