التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَإِذَا رَأَوۡاْ ءَايَةٗ يَسۡتَسۡخِرُونَ} (14)

وقوله - تعالى - { وَإِذَا ذُكِّرُواْ لاَ يَذْكُرُونَ . وَإِذَا رَأَوْاْ آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ } بيان لشدة تماديهم فى الباطل ، وإصرارهم عليه .

أى : أن هؤلاء القوم من دأبهم ومن صفاتهم الملازمة لهم ، أنهم إذا وعظوا بما ينفعهم لا يتعظون ، وإذا رأوى آية واضحة فى دلالتها على الحق { يَسْتَسْخِرُونَ } أى : يبالغون فى السخرية وفى الاستهزاء بها ، يقال : استسخر القوم من الشئ ، إذا استدعى بعضهم بعضا للاستهزاء به .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِذَا رَأَوۡاْ ءَايَةٗ يَسۡتَسۡخِرُونَ} (14)

وقوله تعالى { وإذا رأوا آية يستسخرون } ، يريد بالآية العلامة والدلالة ، وروي أنها نزلت في ركانة وهو رجل من المشركين من أهل مكة لقيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في جبل خال وهو يرعى غنماً له وهو أقوى أهل زمانه ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :«يا ركانة أرأيت إن صرعتك أتؤمن بي ؟ » قال : نعم ، فصرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثاً ثم عرض عليه آيات من دعاء شجرة وإقبالها ونحو ذلك مما اختلف فيه العلماء وألفاظ الحديث ، فلما فرغ من ذلك كله لم يؤمن وجاء إلى مكة فقال : يا بني هاشم ساحروا بصاحبكم أهل الأرض{[4]} فنزلت هذه الآية فيه وفي نظرائه ، وقوله { يستسخرون } معناه يطلبون أن يكونوا ممن يسخر ، ويجوز أن يكون بمعنى يسخرون كقوله تعالى : { واستغنى الله } [ التغابن : 6 ] فيكون فعل واستفعل بمعنى ، وب «يسخرون » فسره مجاهد وقتادة ، وفي بعض القراءات القديمة «يستسحرون » بالحاء غير منقوطة ، وهذه عبارة عما قال ركانة لأنه استسحر النبي صلى الله عليه وسلم .


[4]:- هو أبو هاشم المكي الليثي، وردت الرواية عنه في حروف القرآن، يروي عن أبيه ابن عمر.