التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{رَّبَّنَا ٱكۡشِفۡ عَنَّا ٱلۡعَذَابَ إِنَّا مُؤۡمِنُونَ} (12)

ثم يقولون - أيضا - : { رَّبَّنَا اكشف عَنَّا العذاب إِنَّا مْؤْمِنُونَ } أى : يا ربنا أزل عنا هذا العذاب المتمثل فى الجوع والامرض وغيرهما ، فإنك إن رفعت عنا ذلك آمنا برسولك - صلى الله عليه سولم واتبعنا دعوته ، ولكنهم بعد أن كشف الله - تعالى - عنهم هذا العذاب ، نقضوا عهودهم ، وأصروا على كفرهم .

ولذا عقب الله - تعالى - على تضرعهم هذا بقوله : { أنى لَهُمُ الذكرى . . }

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{رَّبَّنَا ٱكۡشِفۡ عَنَّا ٱلۡعَذَابَ إِنَّا مُؤۡمِنُونَ} (12)

{ ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون } مقدر بقول وقع حالا و { إنا مؤمنون } وعد بالإيمان إن كشف العذاب عنهم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{رَّبَّنَا ٱكۡشِفۡ عَنَّا ٱلۡعَذَابَ إِنَّا مُؤۡمِنُونَ} (12)

هذه جملة معترضة بين جملة { هذا عذاب أليم } [ الدخان : 11 ] وجملة { أنّى لهم الذكرى } [ الدخان : 13 ] فهي مقول قول محذوف . وحملها جميع المفسرين على أنها حكاية قوللِ الذين يغشاهم العذابُ بتقدير يقولون : ربّنا اكشف عنا العذاب ، أي هو وَعد صادر من النّاس الذين يغشاهم العذاب بأنهم يؤمنون إن كشف عنهم العذاب أي فيكون مثل قوله تعالى في سورة الزخرف ( 49 ) { وقالوا يا أيها الساحر ادعُ لنا ربّك بما عهد عندك إننا لمهتدون } أي إنْ دعوتَ ربّك اتبعناك ويكون بمعنى قوله في سورة الأعراف ( 134 ) { ولما وقع عليهم الرجز قالوا يا موسى ادْعُ لنا ربّك } إلى قوله : { لئن كشفت عنا الرجز لَنُؤمِنَن لك . } ومما تسمح به تراكيب الآية وسياقها أن يكون القول المحذوف مقدَّراً بفعللِ أمرٍ أي قولوا لتلقين المسلمين أن يستعيذوا بالله من أن يصيبهم ذلك العذاب إذ كانوا والمشركين في بلد واحد كما استعاذ موسى عليه السلام بقوله : { أتهلكنا بما فعل السفهاء منا } [ الأعراف : 155 ] . وفيه إيماء إلى أن الله سيخرج المؤمنين من مكة قبل أن يحلّ بأهلها هذا العذاب ، فهذا التلقين كالذي في قوله تعالى : { ربّنا لا تُؤاخذنآ إن نسينآ أو أخطأنا } [ البقرة : 286 ] الآيات . وعليه فجملة { إنا مؤمنون } تعليل لطلب دفع العذاب عنهم ، أي إنا متلبسون بما يدفع عنا عذاب الكافرين ، وفي تلقينهم بذلك تنويه بشرف الإيمان ، وأسلوبُ الكلام جارٍ على أن جملة { إنا مؤمنون } تعليل لطلب كشف العذاب عنهم لما يقتضيه ظاهر استعمال حرف ( إنَّ ) من معنى الإخبار دون الوعد ، ومن التعليل دون التأكيد ، ولما يقتضيه اسم الفاعل في زمن الحال دون الاستقبال ، ولأن سياقه خطاب للنبيء صلى الله عليه وسلم بترقب إعانة الله إياه على المشركين ، كما كان يدعو « أعني عليهم بسبع كسني يوسف » فمقتضى المقام تأمينُه من أن يصيبَ العذابُ المسلمين وفيهم النبي صلى الله عليه وسلم وظاهر مادة الكشف تقتضي إزالة شيء كان حاصلاً في شيء إلاّ أن الكشف هنا لما لم يكن مستعملاً في معناه الحقيقي كان مجازه محتملاً أن يكون مستعملاً في منع حصول شيء يُخشى حصوله كما في قوله تعالى : { إلاَّ قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا } [ يونس : 98 ] فإن قوم يونس لم يحل بهم عذاب فزال عنهم ولكنهم تُوعدوا به فبادروا بالإيمان فنجاهم الله منه ، وقول جعفر بن عُلْبة الحارثي :

لا يَكشف الغَماء إلا ابنُ حرة *** يَرى غمراتِ الموت ثم يَزُورها

أراد أنه يمنع العدوّ من أن ينالهم بسوء ، ومحتملاً للاستعمال في زوال شيء كان حصل . ولم يذكر أحد من رواة السِير والآثار أن المشركين وعَدوا النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم يسلمون إن أزال الله عنهم القحط .