التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُوهُۚ هَٰذَا صِرَٰطٞ مُّسۡتَقِيمٞ} (51)

ثم حكى القرآن أن عيسى - عليه السلام - قد قرر أن هذه المعجزات الباهرة لن تخرجه عن أن يكون عبداً لله مخلوقا له ، وأن من الواجب على الناس أن يعبدوا الله وحده ولا يشركوا به شيئاً فقال : { إِنَّ الله رَبِّي وَرَبُّكُمْ فاعبدوه هذا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ } أى قال عيسى - عليه السلام - داعيا قومه إلى عبادة الله - تعالى - هو الذى خلقنى وخلقكم وهو الذى ربانى ورباكم ، وما دام الأمر كذلك فأخلصوا له العبادة فإن عبادته - سبحانه - وطاعته هي الطريق المستقيم الذى لا اعوجاج فيه ولا التباس .

وبذلك تكون الآيات الكريمة قد بينت لنا بعض المعجزات التى أكرم الله بها عيسى - عليه السلام - كما حكت لنا بعض التوجيهات القويمة ، والإرشادات الحكمية التي نصح بها قومه لكى يسعدوا فى دنياهم وآخرتهم .

والآن ينساق الذهن إلى سؤال هو : ماذا كان موقف بنى إسرائيل منه بعد أن جاءهم بما جاءهم به من بينات وهدايات ؟

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُوهُۚ هَٰذَا صِرَٰطٞ مُّسۡتَقِيمٞ} (51)

{ إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم } أي جئتكم بآية أخرى ألهمنيها ربكم وهو قوله : { إن الله ربي وربكم } فإنه دعوة الحق المجمع عليها فيما بين الرسل الفارقة بين النبي والساحر ، أو جئتكم بآية على أن الله ربي وربكم وقوله : { فاتقوا الله وأطيعون } اعتراض والظاهر أنه تكرير لقوله : { قد جئتكم بآية من ربكم } أي جئتكم بآية بعد أخرى مما ذكرت لكم ، والأول لتمهيد الحجة والثاني لتقريبها إلى الحكم ولذلك رتب عليه بالفاء قوله تعالى : { فاتقوا الله } أي لما جئتكم بالمعجزات الظاهرة والآيات الباهرة فاتقوا الله في المخالفة وأطيعون فيما أدعوكم إليه ، ثم شرع في الدعوة وأشار إليها بالقول المجمل فقال : { إن الله ربي وربكم } إشارة إلى استكمال القوة النظرية بالاعتقاد الحق الذي غايته التوحيد ، وقال { فاعبدوه } إشارة إلى استكمال القوة العلمية فإنه بملازمة الطاعة التي هي الإتيان بالأوامر والانتهاء عن المناهي ، ثم قرر ذلك بأن بين أن الجمع بين الأمرين هو الطريق المشهود له بالاستقامة ، ونظيره قوله عليه الصلاة والسلام " قل آمنت بالله ثم استقم " .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُوهُۚ هَٰذَا صِرَٰطٞ مُّسۡتَقِيمٞ} (51)

وقرأ جمهور الناس { إن الله ربي وربكم } بكسر الألف على استئناف الخبر ، وقرأه قوم «أن الله ربي وربكم » «بفتح الألف قال الطبري : «إن » بدل من «آية » ، في قوله { جئتكم بآية } ، وفي هذا ضعف وإنما التقدير أطيعون ، لأن الله ربي وربكم ، أو يكون المعنى ، لأن الله ربي وربكم فاعبدوه ، وقوله : { هذا صراط مستقيم } إشارة إلى قوله : { إن الله ربي وربكم فاعبدوه } ، وهو لأن ألفاظه جمعت الإيمان والطاعات ، والصراط ، الطريق ، والمستقيم ، الذي لا اعوجاج فيه .