تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{مَتَٰعٞ قَلِيلٞ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (117)

ثم نهى تعالى عن سلوك سبيل المشركين ، الذين حللوا وحرموا بمجرد ما وضعوه واصطلحوا عليه من الأسماء بآرائهم ، من البَحيرة والسائبة والوصيلة والحام ، وغير ذلك مما كان شرعا لهم ابتدعوه في جاهليتهم ، فقال : { وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ } ، ويدخل في هذا كل من ابتدع بدعة ليس [ له ]{[16728]} فيها مستند شرعي ، أو حلل شيئا مما حرم الله ، أو حرم شيئا مما أباح الله ، بمجرد رأيه وتشهِّيه .

و " ما " في قوله : { لِمَا } مصدرية ، أي : ولا تقولوا الكذب لوصف ألسنتكم .

ثم توعد على ذلك فقال : { إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ } ، أي : في الدنيا ولا في الآخرة . أما في الدنيا فمتاع{[16729]} قليل ، وأما في الآخرة فلهم عذاب أليم ، كما قال : { نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ } [ لقمان : 24 ] .

وقال : { إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ } [ يونس : 69 ، 70 ] .


[16728]:زيادة من ت، ف، أ.
[16729]:في ت، ف: "متاع".

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{مَتَٰعٞ قَلِيلٞ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (117)

وبينه بقوله : { متاع قليل } أي ما يفترون لأجله أو ما هم فيه منفعة قليلة تنقطع عن قريب . { ولهم عذاب أليم } في الآخرة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{مَتَٰعٞ قَلِيلٞ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (117)

جملة { متاع قليل } استئناف بياني في صورة جواب عما يجيش بخاطر سائل يسأل عن عدم فلاحهم مع مشاهدة كثير منهم في حالة من الفلاح ، فأجيب بأن ذلك متاع ، أي نفع موقّت زائل ولهم بعده عذاب أليم .

والآية تحذّر المسلمين من أن يتقوّلوا على الله ما لم يقله بنصّ صريح أو بإيجاد معاننٍ وأوصاف للأفعال قد جَعل لأمثالها أحكاماً ، فمن أثبت حلالاً وحراماً بدليل من معاننٍ ترجع إلى مماثلة أفعال تشتمل على تلك المعاني فقد قال بما نصب الله عليه دليلاً .

وقُدم { لهم } للاهتمام زيادة في التحذير . وجيء بلام الاستحقاق للتنبيه على أن العذاب خقّهم لأجل افترائهم .