وقوله : { وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ } ، قال الإمام أحمد :
حدثنا سيار بن حاتم ، حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي ، حدثنا ثابت ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن طير الجنة كأمثال البخت ، يرعى{[28035]} في شجر الجنة " . فقال أبو بكر : يا رسول الله ، إن هذه لطير ناعمة فقال : " أكلتها {[28036]} أنعم منها - قالها ثلاثا - وإني لأرجو أن تكون ممن يأكل منها " . تفرد به أحمد من هذا الوجه{[28037]} .
وروى الحافظ أبو عبد الله المقدسي في كتابه " صفة الجنة " من حديث إسماعيل بن علي الخُطَبِيّ ، عن أحمد بن علي الخُيُوطي ، عن عبد الجبار بن عاصم ، عن عبد الله بن زياد ، عن زُرْعَة ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : ذكرت عند النبي صلى الله عليه وسلم طوبى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أبا بكر ، هل بلغك ما طوبى ؟ " قال : الله ورسوله أعلم . قال : " طوبى شجرة في الجنة ، ما يعلم طولها إلا الله ، يسير الراكب تحت غصن من أغصانها سبعين خريفا ، ورقها الحلل ، يقع عليها الطير كأمثال البخت " . فقال أبو بكر : يا رسول الله ، إن هناك لطيرا ناعما ؟ قال : " أنعم منه من يأكله ، وأنت منهم إن شاء الله " {[28038]} .
وقال قتادة في قوله : { وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ } : ذكر لنا أن أبا بكر قال : يا رسول الله ، إني أرى طيرها ناعمة كما أهلها ناعمون . قال : " من يأكلها - والله يا أبا بكر{[28039]} - أنعم منها ، وإنها لأمثال البخت ، وإني لأحتسب على الله أن تأكل منها{[28040]} يا أبا بكر " {[28041]} .
وقال أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثني مجاهد بن موسى ، حدثنا مَعْنُ بن عيسى ، حدثني ابن أخي ابن شهاب ، عن أبيه ، عن أنس بن مالك ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الكوثر فقال : " نهر أعطانيه ربي ، عز وجل ، في الجنة ، أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل ، فيه طيور أعناقها يعني كأعناق الجزر " . فقال عمر : إنها لناعمة . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " آكلها أنعم منها " .
وكذا رواه الترمذي عن عبد{[28042]} بن حميد ، عن القَعْنَبِي ، عن محمد بن عبد الله بن مسلم بن شهاب ، عن أبيه ، عن أنس ، وقال : حسن{[28043]} .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا علي بن محمد الطَّنَافِسي ، حدثنا أبو معاوية ، عن عبيد الله{[28044]} بن الوليد الوَصَّافي ، عن عطية العَوْفِيّ ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن في الجنة لطيرا فيه سبعون ألف ريشة ، فيقع على صحفة الرجل من أهل الجنة فينتفض ، فيخرج من كل ريشة - يعني : لونا - أبيض من اللبن ، وألين من الزبد ، وأعذب من الشهد ، ليس منها لون يشبه صاحبه{[28045]} ثم يطير " {[28046]} .
هذا حديث غريب جدا ، والوَصَّافي وشيخه ضعيفان . ثم قال ابن أبي حاتم :
حدثنا أبي ، حدثنا عبد الله بن صالح - كاتب الليث - حدثني الليث ، حدثنا خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن أبي حازم عن عطاء ، عن كعب ، قال : إن طائر الجنة أمثال البخت ، يأكل {[28047]} مما خلق من ثمرات الجنة ، ويشرب{[28048]} من أنهار الجنة ، فيصطففن له ، فإذا اشتهى منها شيئا أتاه حتى يقع بين يديه ، فيأكل من خارجه وداخله ثم يطير لم ينقص منه شيء . صحيح إلى كعب .
وقال الحسن بن عرفة : حدثنا خلف بن خليفة ، عن حميد الأعرج ، عن عبد الله بن الحارث ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنك لتنظر إلى الطير في الجنة فتشتهيه فيخر بين يديك مشويا " {[28049]} .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{ولحم طير} يعني من لحم الطير {مما يشتهون}...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
"وَفاكِهَةٍ مِمّا يَتَخَيّرُونَ" يقول تعالى ذكره: ويطوف هؤلاء الولدان المخلدون على هؤلاء السابقين بفاكهة من الفواكه التي يتخيّرونها من الجنة لأنفسهم، وتشتهيها نفوسهم.
"ولَحْمِ طَيْرٍ مِمّا يَشْتَهُونَ" يقول: ويطوفون أيضا عليهم بلحم طير مما يشتهون من الطير الذي تشتهيه نفوسهم...
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
{ولحم طير مما يشتهون} إن أهل الجنة إنما يتناولون على الشهوة لا على الحاجة وسد الجوع، وهو كما ذكر: {وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين} [الزخرف: 71]...
جهود الإمام الغزالي في التفسير 505 هـ :
ثم قال: {ولحم طير مما يشتهون} ثم أفضل ما يقدم بعد الفاكهة اللحم والثريد. (الإحياء: 2/19)...
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :
{وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ}، قال الإمام أحمد: حدثنا سيار بن حاتم، حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي، حدثنا ثابت، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن طير الجنة كأمثال البخت، يرعى في شجر الجنة". فقال أبو بكر: يا رسول الله، إن هذه لطير ناعمة فقال: " أكلتها أنعم منها -قالها ثلاثا- وإني لأرجو أن تكون ممن يأكل منها". تفرد به أحمد من هذا الوجه.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ولما ذكر ما جرت العادة بتناوله لمجرد اللذة، أتبعه ما العادة أنه لإقامة البينة وإن كان هناك لمجرد اللذة أيضاً فقال: {ولحم طير} ولما كان في لحم الطير مما يرغب عنه، احترز عنه بقوله: {مما يشتهون} أي غاية الشهوة بحيث يجدون لآخره من اللذة ما لأوله...
فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني 1250 هـ :
{و} كذا {لَحْم} عطفاً على {أكواب}: أي يطوفون عليهم بهذه الأشياء المأكول والمشروب والمتفكه به...
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي 1270 هـ :
... في التعبير بيتخيرون دون يختارون وإن تقاربا معنى إشارة لمكان صيغة التفعل إلى أنهم يأخذون ما يكون منها في نهاية الكمال وأنهم في غاية الغنى عنها...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.