التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{تَرۡجِعُونَهَآ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (87)

هلا إن كنتم غير خاضعين لنا { تَرْجِعُونَهَآ } أى : ترجعون الروح إلى صاحبها { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } فى اعتقادكم بأن آلهتكم تستطيع الدفاع عنكم وفى اعتقادكم أنه لا بعث ولا حساب بعد الموت ، وفى توهمكم أن هناك قوة سوى قوة الله - عز وجل - يمكنها أن تساعدكم عند الشدائد والمحن .

وهكذا نجد هذه الآيات الكريمة ، تقيم أوضح الأدلة وأكثرها تأثيرا فى النفوس ، على كمال قدرة الله - تعالى - وعلى نفاذ مشيئته وإرادته . .

فهى تتحدى البشر جميعا أن يعيدوا الروح إلى أحب الناس إليهم ، وهم واقفون من حوله وقفة الحائر المستسلم . العاجز عن فعل أى شىء من شأنه أن يدفع عن هذا المحتضر ما فيه من كرب ، أو أن يؤخر انتزاعه روحه من جسده ، ولو لزمن قليل .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{تَرۡجِعُونَهَآ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (87)

وقوله : { فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَهَا } : معناه : فهلا تَرجعُون هذه النفس التي قد بلغت الحلقوم إلى مكانها الأول {[28173]} ، ومقرها في الجسد إن كنتم غير مدينين .

قال ابن عباس : يعني محاسبين . ورُوي عن مجاهد ، وعِكْرِمَة ، والحسن ، وقتادة ، والضحاك ، والسُّدِّيّ ، وأبي حَزْرَة ، مثله .

وقال سعيد بن جُبَيْر ، والحسن البَصْرِي : { فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ } غير مصدقين أنكم تُدانون وتبعثون وتجزون ، فردوا هذه النفس .

وعن مجاهد : { غَيْرَ مَدِينِينَ } غير موقنين .

وقال ميمون بن مِهْران : غير معذبين مقهورين .

هذه الأحوال الثلاثة هي أحوال الناس عند احتضارهم : إما أن يكون من المقربين {[28174]} ، أو يكون ممن دونهم من أصحاب اليمين . وإما أن يكون من المكذبين الضالين عن الهدى ، الجاهلين بأمر الله ؛ ولهذا قال تعالى : { فَأَمَّا إِنْ كَانَ من المقربين } .


[28173]:- (1) في م: "الأولى".
[28174]:- (2) في أ: "المقربين العلية".