التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَإِيْهِۦ فَٱتَّبَعُوٓاْ أَمۡرَ فِرۡعَوۡنَۖ وَمَآ أَمۡرُ فِرۡعَوۡنَ بِرَشِيدٖ} (97)

موسى - عليه السلام - هو ابن عمران ، من نسل " لاوى " بن يعقوب .

ويرى بعض المؤرخين أو ولادة موسى كانت فى حوالى القرن الثالث عشر قبل الميلاد ، وأن بعثته كانت فى عهد منفتاح بن رمسيس الثانى .

والمراد بالآيات : الآيات التسع المشار إليه فى قوله - تعالى - " ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات . . . "

وهى : العصا ، واليد والبيضاء ، والسنون ، والعجاف ، ونقص الثمرات ، والطوفان ، والجراد ، والقمل ، والضفادع ، والدم .

والسلطان المبين : الحجة الواضحة ، والبرهان الظاهر على صدقه ، وسمى ذلك سلطانا لأن صاحب الحجة والبرهان على ما يدعى ، يقهر ويغلب من لا حجة ولا برهان معه ، كما يقهر السلطان غيره .

والمعنى : ولقد أرسلنا نبينا موسى - عليه السلام - بمعجزاتنا الدالة على صدقه ، وبحجته القوية الواضحة ، الشاهدة على أنه رسول من عندنا ، إلى فرعون وملئه الذين هم خاصته ، وسادات قومه وكبراؤهم . . .

وخصهم بالذكر مع فرعون ، لأنهم هم الذين كانوا ينفذون أوامره ، ويعاونونه على فساده والضمير فى قوله { فاتبعوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ } يعود إلى الملأ .

أى : فاتبعوا أمره فى كل ما قرره من كفر ، وفى كل ما أشار به من فساد .

وفى هذه الجملة الكريمة - كما يقول الزمخشرى - تجهيل لهم ، حيث شايعوه على أمره ، وهو ضلال مبين لا يخفى على من فيه أدنى مسكة من العقل ، وذلك أنه ادعى الألوهية وهو بشر مثلهم ، وجاهر بالعسف والظلم والشر الذى لا يأتى إلا من شيطان ما رد ، فاتبعوه وسلموا له دعواه ، وتتابعوا على طاعته .

وقال - سبحانه - { فاتبعوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ } ولم يقل فاتبعوا أمره ، للتشهير به ، والإِعلان عن ذمة الذى صرح به فى قوله - سبحانه - { وَمَآ أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ } .

والرشيد بزنة - فعيل - رشد من باب نصر وفتح : هو الشخص المتصف بإصابة الرأى ، وجودة التفكير ، وأضيف الرشد إلى الأمر على سبيل المجاز ، مبالغة فى اشتمال أمر فرعون على ما يناقض الرشد والسداد ، ويطابق الغى والفساد .

أى : ما شأن فرعون وأمره بذى رشد وهدى ، بل هو محض الغى والضلال ، فكان من الواجب على ملئه أن ينبذوه ويهملوه ، بدل أن يطيعوه ويتبعوه . . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَإِيْهِۦ فَٱتَّبَعُوٓاْ أَمۡرَ فِرۡعَوۡنَۖ وَمَآ أَمۡرُ فِرۡعَوۡنَ بِرَشِيدٖ} (97)

84

( فاتبعوا أمر فرعون . وما أمر فرعون برشيد ) . .

ولما كانوا تبعا لفرعون في هذا الأمر ، يمشون خلفه ، ويتبعون خطواته الضالة بلا تدبر ولا تفكر ، ودون أن يكون لهم رأي ، مستهينين بأنفسهم ، متخلين عن تكريم الله لهم بالإرادة والعقل وحرية الاتجاه واختيار الطريق . .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَإِيْهِۦ فَٱتَّبَعُوٓاْ أَمۡرَ فِرۡعَوۡنَۖ وَمَآ أَمۡرُ فِرۡعَوۡنَ بِرَشِيدٖ} (97)

و «الملأ » : الجمع من الرجال والمعنى : أرسلناه إليهم ليؤمنوا بالله تعالى ، فصدهم فرعون فاتبعوا أمره ولم يؤمنوا وكفروا ، ثم أخبر تعالى عن أمر فرعون أنه ليس { برشيد } أي ليس بمصيب في مذهبه ولا مفارق للسفاهة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَإِيْهِۦ فَٱتَّبَعُوٓاْ أَمۡرَ فِرۡعَوۡنَۖ وَمَآ أَمۡرُ فِرۡعَوۡنَ بِرَشِيدٖ} (97)

عُقب ذكر إرسال موسى عليه السّلام بذكر اتّباع الملإ أمرَ فرعون لأنّ اتّباعهم أمر فرعون حصل بإثر الإرسال ففهم منه أنّ فرعون أمرهم بتكذيب تلك الرسالة .

وإظهار اسم فرعون في المرّة الثانية دون الضمير والمرة الثالثة للتّشهير بهم ، والإعلان بذمّه وهو انتفاء الرشد عن أمره .

وجملة { وما أمر فرعون برشيد } حال من { فرعون } .

والرشيد : فعيل من رشد من باب نصر وفرح ، إذا اتّصف بإصابة الصواب . يقال : أرشدك الله . وأجري وصف رشيد على الأمر مجازاً عقلياً . وإنّما الرشيد الآمر مبالغة في اشتمال الأمر على ما يقتضي انتفاء الرشد فكأنّ الأمر هو الموصوف بعدم الرشد . والمقصود أن أمر فرعون سَفَهٌ إذْ لاَ واسطة بين الرشد والسفه . ولكن عدل عن وصف أمره بالسّفيه إلى نفي الرشد عنه تجهيلاً للذين اتبعوا أمرَه لأنّ شأن العقلاء أن يَتطلبوا الاقتداء بما فيه صلاح وأنهم اتبعوا ما ليس فيه أمارة على سداده واستحقاقه لأن يتّبع فماذا غرّهم باتباعه .