البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَإِيْهِۦ فَٱتَّبَعُوٓاْ أَمۡرَ فِرۡعَوۡنَۖ وَمَآ أَمۡرُ فِرۡعَوۡنَ بِرَشِيدٖ} (97)

والظاهر أن يراد بقوله : أمر فرعون أمره إياهم بالكفر وجحد معجزات موسى ، ويحتمل أن يريد الطريق والشان .

وما أمر فرعون برشيد : نفى عنه الرشد ، وذلك تجهيل لمتبعيه حيث شايعوه على أمره ، وهو ضلال مبين لا يخفى على من فيه أدنى مسكة من العقل .

وذلك أنه ادعى الإلهية وهو بشر مثلهم .

عاينوا الآيات والسلطان المبين في أمر موسى عليه السلام ، وعلموا أن معه الرشد والحق ، ثم عدلوا عن اتباعه إلى اتباع من ليس في اتباعه رشد .

ويحتمل أن يكون رشيد بمعنى راشد ، ويكون رشيد بمعنى مرشد أي بمرشد إلى خير .

وكان فرعون دهرياً نافياً للصانع والمعاد ، وكان يقول : لا إله للعالم ، وإنما يجب على أهل كل بلد أن يشتغلوا بطاعة سلطانهم ، فلذلك كان أمره خالياً عن الرشد بالكلية .

والرشد يستعمل في كل ما يحمد ويرتضى ، والغي ضده .