السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَإِيْهِۦ فَٱتَّبَعُوٓاْ أَمۡرَ فِرۡعَوۡنَۖ وَمَآ أَمۡرُ فِرۡعَوۡنَ بِرَشِيدٖ} (97)

{ إلى فرعون } طاغية القبط { وملئه } ، أي : أشراف قومه الذين تتبعهم الأذناب ؛ لأنّ القصد الأكبر رفع أيديهم عن بني إسرائيل { فاتبعوا أمر فرعون } ، أي : اتبعوا طريقة فرعون المنهمك في الضلال والطغيان الداعي إلى ما لا يخفى فساده على من له أدنى مسكة من العقل ولم يتبعوا موسى الهادي إلى الحق المؤيد بالمعجزات الظاهرة الباهرة لفرط جهالتهم وعدم استبصارهم { وما أمر فرعون برشيد } ، أي : بسديد ولا حميد العاقبة ولا يدعو إلى خير وقيل : رشيد ذو رشد ، وانسلاخ فرعون من الرشد كان ظاهراً ؛ لأنه كان دهرياً نافياً للصانع والمعاد وكان يقول : لا إله للعالم وإنما يجب على أهل كل بلد أن يشتغلوا بطاعة سلطانهم وعبوديته رعاية لمصلحة العالم ، وكل الرشد في عبادة الله تعالى ومعرفته ، فلما كان هو نافياً لهذين الأمرين كان خالياً من الرشد بالكلية .