والمراد بالإِنسان فى قوله - سبحانه - : { وَقَالَ الإنسان مَا لَهَا } جنسه ، فيشمل المؤمن والكافر .
وقوله { ما لها } مبتدأ وخبر ، والاستفهام : المقصود به التعجب مما حدث من أهوال .
أى : وقال كل إنسان على سبيل الدهشة والحيرة : أي شيء حدث للأرض حتى جعلها تضطرب هذا الاضطراب الشديد .
قال الجمل : وفى المراد بالإِنسان هنا قولان : أحدهما : أنه اسم جنس يعم المؤمن والكافر ، وهذا يدل على قول من جعل الزلزلة من أشراط الساعة ، فيسأل بعضهم بعضا عن ذلك . والثانى : أنه الكافر خاصة ، وهذا يدل على قول من جعلها زلزلة القيامة ؛ لأن المؤمن عارف بها فلا يسأل عنها ، والكافر جاحد لها ، فإذا وقعت سأل عنها .
ويزيد هذا الأثر وضوحا بتصوير " الإنسان " حيال المشهد المعروض ، ورسم انفعالاته وهو يشهده :
( وقال الإنسان : ما لها ? ) . .
وهو سؤال المشدوه المبهوت المفجوء ، الذي يرى ما لم يعهد ، ويواجه ما لا يدرك ، ويشهد ما لا يملك الصبر أمامه والسكوت . مالها ? ما الذي يزلزلها هكذا ويرجها رجا ? مالها ? وكأنه يتمايل على ظهرها ويترنح معها ؛ ويحاول أن يمسك بأي شيء يسنده ويثبته ، وكل ما حوله يمور مورا شديدا !
" والإنسان " قد شهد الزلازل والبراكين من قبل . وكان يصاب منها بالهلع والذعر ، والهلاك والدمار ، ولكنه حين يرى زلزال يوم القيامة لا يجد أن هناك شبها بينه وبين ما كان يقع من الزلازل والبراكين في الحياة الدنيا . فهذا أمر جديد لا عهد للإنسان به . أمر لا يعرف له سرا ، ولا يذكر له نظيرا . أمر هائل يقع للمرة الأولى !
والتعريف في { الإنسان } تعريف الجنس المفيد للاستغراق ، أي وقال الناس ما لها ، أي الناس الذين هم أحياء ففزعوا وقال بعضهم لبعض ، أو قال كل أحد في نفسه حتى استوى في ذلك الجَبان والشجاع ، والطائش والحكيم ، لأنه زلزال تجاوز الحدّ الذي يصبر على مثله الصَّبور .
وقول : { ما لها } استفهام عن الشيء الذي ثبت للأرض ولزمها لأن اللام تفيد الاختصاص ، أي ما للأرض في هذا الزلزال ، أو ما لها زُلزلت هذا الزلزال ، أي ماذا ستكون عاقبته . نزلت الأرض منزلة قاصد مريد يتساءل الناس عن قصده من فعله حيث لم يتبين غرضه منه ، وإنما يقع مثل هذا الاستفهام غالباً مردفاً بما يتعلق بالاستقرار الذي في الخبر مثل أن يقال : ما لَه يفعل كَذا ، أو ما له في فعل كذا ، أو ما له وفلاناً ، أي معه ، فلذلك وجب أن يكون هنا مقدَّر ، أي ما لها زلزلت ، أو ما لها في هذا الزلزال ، أو ما لها وإخراج أثقالها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.