التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَأُمۡلِي لَهُمۡۚ إِنَّ كَيۡدِي مَتِينٌ} (183)

وقوله : { وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ } الإملاء : الإمداد في الزمن والإمهال والتأخير ، مشتق من الملاوة والملوة ، وهى الطائفة الطويلة من الزمن . والملوان : الليل والنهار .

ويقال : أملى له إذا أمهله طويلا ، وأملى للبعير : إذ أرخى له في الزمام ووسع له في القيد ليستع المرعى .

والكيد كالمكر ، وهو التدبير الذي يقصد به غير ظاهره بحيث ينخدع المكيد له بمظهره فلا يفطن له حتى ينتهى إلى ما يسوءه من مخبره وغايته . وإضافته إلى الله - تعالى - يحمل على المعنى اللائق به ، كإبطال مكر أعدائه أو إمدادهم بالنعم ثم أخذهم بالعذاب .

ومتين : من المتانة بمعنى الشدة والقوة . ومنه المتن للظهر أو للحم الغليظ .

والمعنى . والذين كذبوا بآياتنا سنستدنيهم قليلا قليلا إلى ما يهلكهم ويضاعف عقابهم بكثرة النعم بين أيديهم ، حتى يفاجئهم الهلاك من حيث لا يعلمون أن صنعنا هذا معهم هو لون من الاستدراج . وأمهل لهؤلاء المكذبين المستدرجين في العمر ، وأمد لهم في أسباب الحياة الرغدة ، إن كيدى شديد متين لا يدافع بقوة ولا بحيلة . وفى الحديث الشريف الذي رواه الشيخان عن أبى موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله ليملى للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته " .

وقوله { وَأُمْلِي لَهُمْ } جوز بعضهم أن يكون خبراً لمبتدأ محذوف أى : وأنا أملى لهم . وقيل هو معطوف على قوله { سَنَسْتَدْرِجُهُمْ } وقيل هو مستأنف .

ثم أمر - سبحانه - هؤلاء الظالمين بالتفكر والتدبر فقال : { أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِهِمْ مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَأُمۡلِي لَهُمۡۚ إِنَّ كَيۡدِي مَتِينٌ} (183)

172

ويملى لهم في العصيان والطغيان ، استدراجاً لهم في طريق الهلكة ، وإمعاناً في الكيد لهم والتدبير . ومن الذي يكيد ؟ إنه الجبار ذو القوة المتين ! ولكنهم غافلون ! والعاقبة للمتقين . الذين يهدون بالحق وبه يعدلون . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَأُمۡلِي لَهُمۡۚ إِنَّ كَيۡدِي مَتِينٌ} (183)

ولهذا قال تعالى : { وَأُمْلِي لَهُمْ } أي : وسأملي لهم ، أطول لهم ما هم فيه { إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ } أي : قوي شديد .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَأُمۡلِي لَهُمۡۚ إِنَّ كَيۡدِي مَتِينٌ} (183)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَأُمْلِي لَهُمْ إِنّ كَيْدِي مَتِينٌ } . .

يقول تعالى ذكره : وأؤخر هؤلاء الذين كذّبوا بآياتنا مُلاءة بالكسر والضمّ والفتح من الدهر ، وهي الحين ، ومنه قيل : انتظرتك ملّيا ، ليبلغوا بمعصيتهم ربهم المقدار الذي قد كتبه لهم من العقاب والعذاب ثم يقبضهم إليه . إنّ كَيْدِي والكيد : هو المكر . وقوله مَتِينٌ يعني : قويّ شديد ، ومنه قول الشاعر :

عَدَلْنَ عُدُولَ النّاسِ وَاقْبح يُبْتَلى ***أفاسٌ مِنَ الهُرّابِ شَدّ ممَاتِنُ

يعني : سيرا شديدا باقيا لا ينقطع .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَأُمۡلِي لَهُمۡۚ إِنَّ كَيۡدِي مَتِينٌ} (183)

وقوله : { أملي } معناه أؤخر ملاءة من الدهر أي مدة وفيها ثلاث لغات فتح الميم وضمها وكسرها ، وقرأ عبد الحميد عن ابن عامر «أن كيدي » على معنى لأجل أن كيدي ، وقرأ جمهور الناس وسائر السبعة «إن كيدي » على القطع والاستئناف ، و { متين } معناه قوي ، قال الشاعر : [ الطويل ]

لإلٍّ علينا واجب لا نضيعه*** متين قواه غير منتكثِ الحبل

وروى ابن إسحاق في هذا البيت أمين قواه ، وهو من المتن الذي يحمل عليه لقوته ، ومنه قول الشاعر وهو امرؤ القيس : [ المتقارب ]

لها متنتان خظاتا كما*** أكبَّ على ساعديه النمر

وهما جنبتا الظهر ، ومنه قول الآخر :

عدلي عدول اليأس وافتج يبتلى*** أفانين من الهوب شد مماتن

ومنه قول امرىء القيس : [ الطويل ]

ويخدي على صم صلاب ملاطس*** شديدات عقد لينات متان

ومنه الحديث في غزوة بني المصطلق ( فمتن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس ) أي سار بهم سيراً شديداً لينقطع الحديث بقول ابن أبي بن سلول { لئن رجعنا إلى المدينة } الآية .