تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَأُمۡلِي لَهُمۡۚ إِنَّ كَيۡدِي مَتِينٌ} (183)

الآية 183 وقوله تعالى : { وأملي لهم إن كيدي متين } أي كيدوه أنتم ، وأمهلهم ، وأكيد لهم كقوله تعالى : { إنهم يكيدون كيدا } { وأكيد كيدا } [ الطارق : 15و16 ] . فيخرّج قوله تعالى : { وأكيد كيدا } [ الطارق : 16 ] مخرج جزاء كيدهم . وكذلك قوله تعالى : { ومكروا مكرا ومكرنا مكرا } [ النمل : 50 ] أي جزيناهم جزاء مكرهم ، وكذلك قوله تعالى : { سنستدرجهم } أي نجزيهم جزاء استدراج ، وما [ هو عندهم كيد ، كذلك نفعل بهم ما ]{[9179]} هو عندهم مكر وخداع ، وإن لم يكن من الله [ مكر وخداع ]{[9180]} كقوله تعالى : { وهو أهون عليه } [ الروم : 27 ] أي إعادة الشيء عندكم أهون من الابتداء ، وإن كانت الإعادة والابتداء سواء على الله .

فعلى ذلك قوله تعالى : { سنستدرجهم } وقوله{[9181]} { إن كيدي متين } [ الأعراف : 182و183 ] ونحوهما{[9182]} أي نفعل بكم ما هو استدراج وكيد عندكم ، والله أعلم .

ودل قوله تعالى : { وأملي لهم } على أنه لم ينشئهم ، لحاجة له إليهم أو لمنفعة له فيهم ، ولكن أنشاهم لحوائج أنفسهم ولمنافع ترجع إليهم حتى إن عملوا نفعوا أنفسهم ، وإن تركوا ضرّوا أنفسهم .

وقوله تعالى : { متين } قيل : شديد أي عقوبتي شديدة ، والمتين المحكم القوي /191-ب/ .


[9179]:من م، ساقطة من الأصل.
[9180]:في الأصل وم: مكرا وخداعا.
[9181]:في الأصل وم: و.
[9182]:في الأصل وم: ونحوه.