التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمَآ أَمۡرُنَآ إِلَّا وَٰحِدَةٞ كَلَمۡحِۭ بِٱلۡبَصَرِ} (50)

وقوله - سبحانه - : { وَمَآ أَمْرُنَآ إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بالبصر } بيان لكمال قدرته - تعالى - .

واللمح : النظر السريع العاجل الذى لا تريث معه ولا انتظار ، يقال : لمح فلان الشىء إذا أبصره بنظر سريع . . . وقوله : { وَاحِدَةٌ } صفة لموصوف محذوف .

أى : وما أمرنا وشأننا فى خلق الأشياء وإيجادها ، إلا كلمة واحدة وهى قول : " كن " فتوجد هذه الأشياء كملح البصر فى السرعة .

وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - : { إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } والمراد بهذه الآية وأمثالها : بيان كمال قدرة الله - تعالى - وسرعة إيجاده لكل ما يريد إيجاده ، وتحذير الظالمين من العذاب الذى متى أراده الله - تعالى - فلن يدفعه عنهم دافع ، بل سيأتيهم كلمح البصر فى السرعة .

والتعبير بقوله : { وَاحِدَةٌ } لإفادة أن كل ما يريد الله - تعالى - إيجاده فسيوجد فى اسرع وقت ، وبكلمة واحدة لا بأكثر منها ، سواء أكان ذلك الموجود جليلا أم حقيرا ، صغيرا أم كبيرا .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَآ أَمۡرُنَآ إِلَّا وَٰحِدَةٞ كَلَمۡحِۭ بِٱلۡبَصَرِ} (50)

ومع التقدير والتدبير ، القدرة التي تفعل أعظم الأحداث بأيسر الإشارات :

( وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر ) . .

فهي إشارة واحدة . أو كلمة واحدة يتم بها كل أمر : الجليل والصغير سواء . وليس هنالك جليل ولا صغير . إنما ذلك تقدير البشر للأشياء . وليس هنالك زمن ولا ما يعادل لمح البصر . إنما هو تشبيه لتقريب الأمر إلى حس البشر . فالزمن إن هو إلا تصور بشري ناشيء من دورة أرضهم الصغيرة ، ولا وجود له في حساب الله المطلق من هذه التصورات المحدودة !

واحدة تنشئ هذا الوجود الهائل . وواحدة تبدل فيه وتغير . وواحدة تذهب به كما يشاء الله . وواحدة تحيي كل حي . وواحدة تذهب به هنا وهناك . وواحدة ترده إلى الموت . وواحدة تبعثه في صورة من الصور . وواحدة تبعث الخلائق جميعا . وواحدة تجمعهم ليوم الحشر والحساب .

واحدة لا تحتاج إلى جهد ، ولا تحتاج إلى زمن . واحدة فيها القدرة ومعها التقدير . وكل أمر معها مقدر ميسور .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمَآ أَمۡرُنَآ إِلَّا وَٰحِدَةٞ كَلَمۡحِۭ بِٱلۡبَصَرِ} (50)

وقوله : { وَمَا أَمْرُنَا إِلا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ } . وهو إخبار عن نفوذ مشيئته في خلقه كما أخبر

بنفوذ قدره فيهم ، فقال : { وَمَا أَمْرُنَا إِلا وَاحِدَةٌ } أي : إنما نأمر بالشيء مرة واحدة ، لا نحتاج إلى تأكيد بثانية ، فيكون ذلك الذي نأمر به حاصلا موجودا كلمح البصر{[27826]} ، لا يتأخر طرفة عين ، وما أحسن ما قال بعض الشعراء :

إذَا ما أرَادَ الله أمْرًا فَإِنَّما *** يقُولُ لهُ : كُنْ ، قَوَلةً {[27827]} فَيَكُونُ


[27826]:- (1) في م: "كلمح البصر".
[27827]:- (2) في أ: "في الوجود".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمَآ أَمۡرُنَآ إِلَّا وَٰحِدَةٞ كَلَمۡحِۭ بِٱلۡبَصَرِ} (50)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمَآ أَمْرُنَآ إِلاّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ * وَلَقَدْ أَهْلَكْنَآ أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِن مّدّكِرٍ * وَكُلّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزّبُرِ } .

يقول تعالى ذكره : وما أمرنا للشيء إذا أمرناه وأردنا أن نكوّنه إلاّ قولة واحدة : كن فيكون ، لا مراجعة فيها ولا مرادّة كَلَمْحِ بالبَصَرِ يقول جلّ ثناؤه : فيوجد ما أمرناه وقلنا له : كن كسرعة اللمح بالبصر لا يُبطىء ولا يتأخر ، يقول تعالى ذكره لمشركي قريش الذين كذّبوا رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم : ولقد أهلكنا أشياعكم معشر قريش من الأمم السالفة والقرون الخالية ، على مثل الذي أنتم عليه من الكفر بالله ، وتكذيب رسله فَهَلْ مِنْ مُدّكرٍ يقول : فهل من مُتّعظ بذلك منزجر ينزجر به . كما :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَلَقَدْ أهْلَكْنا أشْياعُكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدّكرٍ قال : أشياعكم من أهل الكفر من الأمم الماضية ، يقول : فهل من أحد يتذكر .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمَآ أَمۡرُنَآ إِلَّا وَٰحِدَةٞ كَلَمۡحِۭ بِٱلۡبَصَرِ} (50)

{ وما أمرنا إلا واحدة } إلا فعلة واحدة وهو الإيجاد بلا معالجة ومعاناة ، أو { إلا } كلمة واحدة وهو قوله كن . { كلمح بالبصر } في اليسر والسرعة ، وقيل معناه معنى قوله تعالى : { وما أمر الساعة إلا كلمح البصر } .