الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{وَمَآ أَمۡرُنَآ إِلَّا وَٰحِدَةٞ كَلَمۡحِۭ بِٱلۡبَصَرِ} (50)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{وما أمرنا} في الساعة {إلا واحدة} يعني إلا مرة واحدة لا مثنوية لها {كلمح بالبصر} يعني مجنوح الطرف...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: وما أمرنا للشيء إذا أمرناه وأردنا أن نكوّنه إلاّ قولة واحدة: كن فيكون، لا مراجعة فيها ولا مرادّة" كَلَمْحِ بالبَصَرِ "يقول جلّ ثناؤه: فيوجد ما أمرناه وقلنا له: كن كسرعة اللمح بالبصر لا يُبطئ ولا يتأخر، يقول تعالى ذكره لمشركي قريش الذين كذّبوا رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم: ولقد أهلكنا أشياعكم معشر قريش من الأمم السالفة والقرون الخالية، على مثل الذي أنتم عليه من الكفر بالله، وتكذيب رسله "فَهَلْ مِنْ مُدّكرٍ" يقول: فهل من مُتّعظ بذلك منزجر ينزجر به.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

الأمر في ما بين الخَلق على وجهين:

أحدهما: أمر شأنٍ بالفعل.

والآخر: أمر تكليفٍ لغير. ثم قوله تعالى: {وما أمرُنا إلا واحدة} إنما هو أمر فعل، يخبر عن سهولة ذلك عليه، أي شأنُه وفعلُه يسير عليه، لا يُعجزه شيء ولا يشغلُه. فعلى ذلك أمر الله وخلقه عليه. والواحد: ليس هو اسم العدد، وإن كان الحساب به يُبتدأ، فإنما هو اسم التوحّد والتفرّد كما يقال: فلان واحد زمانه لا يريدون من جهة العدد، إذ له أعداد وأمثال من جهة العدد، ولكن إنما يراد بأنه المتوحّد في شأنه وفعله، ولا نظير له. فعلى ذلك تسميتُه نفسه واحدا لتفرُّده وتوحّده في ألوهيّته وربوبيّته، وتسمية أمره واحدا؛ إن فعله وشأنه لا يشبه أفعال غيره، وإنه لا نظير له في ذلك، وإنه يسير عليه، لا حاجة له إلى الوقت والآلة وغير ذلك. ألا ترى أنه قال: {كلمح بالبصر}؟ خبر عن خفّة ذلك عليه وسهولته من حيث لا يثقُل على أحد ردّ البصر ولا لمحه، هذا وجه. ووجه ثان فيه إخبار أنه لا يشغله شيء لأن الناس يشغلُهم بعض أمورهم عن بعض. وأهل لتأويل يصرفون الآية إلى الساعة كقوله تعالى: {وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب} [النحل: 77] وهو محتمل. فيخبر أن الآخرة ليست على تقدير أمر الدنيا على إتباع بعض بعضا وعلى إرداف شيء على شيء وعلى الانتقال والتغيير من حال إلى حال، ولكن أمر الآخرة على التكوّن بمرة واحدة.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

{كلمح بالبصر} تفهيم للناس بأعجل ما يحسون وفي أشياء أمر الله تعالى أوحى من لمح البصر.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

أي إلا كلمة واحدة، وهو قوله له: (كن) هذا هو المشهور الظاهر، وعلى هذا فالله إذا أراد شيئا قال له: (كن) فهناك شيئان: الإرادة والقول...

فالإرادة قدر، والقول قضاء، وقوله: {واحدة} يحتمل أمرين (أحدهما): بيان أنه لا حاجة إلى تكرير القول إشارة إلى نفاذ الأمر (ثانيهما): بيان عدم اختلاف الحال.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{إلا واحدة} أي فعلة يسيرة لا معالجة فيها وليس هناك إحداث قول لأنه قديم بل تعلق القدرة بالمقدور على وفق الإرادة الأزلية، ثم مثل لنا ذلك بأسرع ما يعقله وأخفه فقال؛ {كلمح بالبصر} فكما أن لمح أحدكم ببصره لا كلفة عليه فيه، فكذلك الأفعال كلها، بل أيسر من ذلك.