الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَمَآ أَمۡرُنَآ إِلَّا وَٰحِدَةٞ كَلَمۡحِۭ بِٱلۡبَصَرِ} (50)

{ وَمَآ أَمْرُنَآ إِلاَّ وَاحِدَةٌ } وحقّه واحد ، قال أبو عبيدة هو نعت للمعنى دون اللفظ مجازها : وما أمرنا إلا مرة واحدة ، يعني الساعة وقيل : معناه وما أمرنا الشيء إذا أردنا تكوينه إلا كلمة واحدة ( كن فيكون ) لا مراجعة فيها . { كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ } وذُكر أن هذه الآيات نزلت في القدرية .

أخبرنا أبو عبدالله الحسين بن محمد بن الحسن بقراءتي عليه في داري قال : حدّثنا الفضل ابن الفضل الكندي ، قال : حدّثنا أبو عبدالله محمد بن عبد الله بن محمد بن النعمان قال : حدّثنا أحمد بن محمد بن الحسين بن حفص قال : حدّثنا الحسن بن حفص قال : حدّثنا سفيان عن زياد ابن إسماعيل السهمي ، عن محمد بن عباد المخزومي عن أبي هريرة قال : جاء مشركو قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخاصمونه في القدر ، فنزلت هذه الآية { إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ } الى آخر السورة .

وأخبرنا الحسين قال : حدّثنا ابن شنبة قال : حدّثنا القرماني قال : حدّثنا عبد الأعلى بن حماد قال : حدّثنا المعتمر بن سليمان قال حدّثني أبو مخزوم عن سيار أبي الحكم قال : بلغنا أنّ وفد نجران قالوا : أمّا الارزاق والأقدار فبقدر الله ، وأما الاعمال فليس بقدر ، فأنزل الله سبحانه فيهم { إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ } الى آخر الآية .

وأخبرنا الحسين قال : حدّثنا ابن شنبة قال : حدّثنا أبو حامد أحمد بن جعفر المستملي قال : حدّثنا ابن أبي العوام قال : حدّثنا أبي قال : حدّثنا الصباح بن سهل البصري أبو سهل قال : حدّثنا جعفر بن سليمان عن خالد بن سلمة عن سعيد بن عمر عن عمر بن زرارة عن أبيه قال : كنت جالساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ : { إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ } الى آخر السورة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " نزلت هذه الآيات في ناس يكونون في آخر أُمتي يكذبون بقدر الله " .

وأخبرنا أحمد بن محمد بن يعقوب بن محمويه الفقيه بالقصر قال : حدّثنا أبو علي إسماعيل بن محمد بن إسماعيل قال : حدّثنا الحسين بن عرفه العبدي قال : حدّثنا مروان بن شجاع الجزري عن عبدالملك بن جريج عن عطاء بن أبي رياح قال : أتيت ابن عباس وهو ينزع في زمزم قد ابتلّت أسافل ثيابه ، فقلت له : قد تكلّم في القدر ، فقال : أو قد فعلوها ؟ ، قلت : نعم ، قال : فوالله ما نزلت هذه الآية إلاّ فيهم { ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ * إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } ، أُولئك شرار هذه الأُمة ، لا تعودوا مرضاهم ولا تصلّوا على موتاهم . إنْ أريتني أحداً منهم فقأت عينيه بإصبعيَّ هاتين .

وأخبرني عقيل بن محمد الفقيه أن أبا الفرج البغدادي أخبرهم عن محمد بن جرير قال : حدّثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدّثنا هشيم قال : أخبرنا حصين عن سعيد بن عبيده عن أبي عبد الرَّحْمن السلمي قال : لمّا نزلت هذه الآية { إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } قال رجل : يا رسول الله ففيم العمل في شيء يستأنفه أو في شيء قد فرغ منه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

" اعملوا فكل ميسّر ، سنيسره لليسرى وسنيسره للعسرى " .

وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا محمد بن الحسين بن صقلاب قال : حدّثنا أبو الحسن احمد بن محمد بن عبيد الطوابيقي قال : حدّثنا علي بن حرب الطائي قال : حدّثنا أبو مسعود يعني الزجاج . قال : حدّثنا أبو سعد عن طلق بن حبيب عن كعب قال : نجد في التوراة أن القدرية يسحبون في النار على وجوههم .

وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثني موسى بن محمد بن علي قال : حدّثنا عبدالله بن محمد ابن سنان قال : حدّثنا عمرو بن منصور أبو عثمان العيسي قال : حدّثني أبو أسيد الثقفي ، قال : حدّثني ثابت البناني عن أنس بن مالك قال : تمارينا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في القدر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كل شيء بقدر حتى هذه » وأشار بأصبعه السبابة حتى ضرب على ذراعه الأيسر " .

وأخبرني ابن السري النحوي في ( درب حاجب ) قال : أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد العماني قال : أخبرنا عبد الله بن احمد بن عامر قال : حدّثنا أبي قال : حدّثني علي بن موسى الرضا قال : حدّثني أبي موسى بن جعفر قال : حدّثني أبي جعفر بن محمد قال : حدّثني أبي محمد بن علي قال : حدّثني أبي علي بن الحسين قال : حدّثني أبي الحسين بن علي قال : حدّثني أبي علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنّ الله عزّوجل قدّر المقادير ودبر التدبر قبل أن يخلق آدم بألفي عام " .

وأخبرني الحسين قال : حدّثنا عمر بن احمد بن القاسم النهاوندي قال : حدّثني أحمد بن حماد بن سفيان قال : حدّثنا السري بن عاصم الهمداني قال : حدّثنا محمد بن مصعب القرقساني عن الاوزاعي عن عبده بن أبي لبابة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الإيمان بالقدر يذهب الهمّ والحزن " .

وأخبرني الحسين بن محمد قال : حدّثنا محمد بن علي بن الحسن الصوفي قال : حدّثنا زكريا بن يحيى الساجي قال : حدّثنا محمد بن المثنى قال : حدّثني إبراهيم بن أبي الوزير قال : حدّثنا مروان بن معاوية الفزاري عن سيف الكوفي عن أبي فزارة قال : قال ابن عباس : إذا كثرت القدرية بالبصرة ائتفكت بأهلها ، وإذا كثرت السبائية بالكوفة ائتفكت بأهلها .

وبه عن الساجي قال : حدّثنا الحسن بن حميد قال : حدّثني عبد الله بن الحسن بن عبد الملك بن حسان الكلبي قال : حدّثني سعيد بن محمد الغساني قال : لما أخذ أبو شاكر الديصاني بالبصرة فأقرّ أنه ديصاني ، وكان يجهر القول بالرفض والقدر ، فقيل له : لِمَ اخترت القول بالقدر والرفض ؟ ، قال : اخترت القول بالقدر لأُخرج أفعال العباد من قدرة الله ، وأنه ليس بخالقها ، فإذا جاز أن يخرج من قدرته شيء جاز أن تخرج الأشياء من قدرته كلها ، واخترت القول بالرفض لاتصول بالطعن الى نقلة هذا الدين ، فإذا بطل النقلة بطل المنقول .

وأخبرني الحسين بن محمد قال : حدّثنا عبد الله بن عبد الرَّحْمن الدقاق قال : حدّثنا محمد ابن عبدالعزيز قال : حدّثنا عبد الله بن عبد الوهاب قال : حدّثنا الدراوردي قال : قال لي أبو سهيل : إذا سلم عليك القدرية فردّ عليهم كما ترد على اليهود قل : وعليك .