التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{كُلُّ مَنۡ عَلَيۡهَا فَانٖ} (26)

{ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ . . . } .

الضمير فى { عَلَيْهَا } يعود إلى الأرض بقرينة المقام ، والمراد بمن عليها : كل من يعيش فوقها ، ويدخل فيهم دخولا أوليا بنو آدم ، لأنهم هم المقصودون بالخطاب ، ولذا جىء بمن الموصولة الخاصة بالعقلاء .

أى : كل من على الأرض من إنسان وحيوان وغيرهما سائر إلى الزوال والفناء

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{كُلُّ مَنۡ عَلَيۡهَا فَانٖ} (26)

والآن ينتهي هذا الاستعراض في صفحة الكون المنظور ، وتطوى صفحة الخلق الفاني ، وتتوارى أشباح الخلائق جميعا ، ويفرغ المجال من كل حي ، ويتجلى وجه الكريم الباقي ، متفردا بالبقاء ، متفردا بالجلال ؛ وتستقر في الحس حقيقة البقاء ، وهو يشهد ظلال الفناء :

( كل من عليها فان . ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام . فبأي آلاء ربكما تكذبان ? ) . .

وفي ظل هذا النص القرآني تخفت الأنفاس ، وتخشع الأصوات ، وتسكن الجوارح . . . وظل الفناء يشمل كل حي ، ويطوي كل حركة ، ويغمر آفاق السماوات والأرض . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{كُلُّ مَنۡ عَلَيۡهَا فَانٖ} (26)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَيَبْقَىَ وَجْهُ رَبّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ * يَسْأَلُهُ مَن فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ كُلّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } .

يقول تعالى ذكره : كلّ من على ظهر الأرض من جنّ وإنس فإنه هالك ، ويبقى وجه ربك يا محمد ذو الجلال والإكرام وذو الجلال والإكرام من نعت الوجه فلذلك رفع ذو . وقد ذُكر أنها في قراءة عبد الله بالياء «ذي الجَلال والإكْرَام » على أنه من نعت الربّ وصفته .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{كُلُّ مَنۡ عَلَيۡهَا فَانٖ} (26)

لما كان قوله : { وله الجوار المنشئات في البحر كالأعلام } [ الرحمن : 24 ] مؤذناً بنعمة إيجاد أسباب النجاة من الهلاك وأسباب السعي لتحصيل ما به إقامة العيش إذ يَسَّر للناس السفن عوناً للناس على الأسفار وقضاء الأوطار مع السلامة من طغيان ماء البحار ، وكان وصف السفن بأنها كالأعلام توسعة في هذه النعمة أتبعه بالموعظة بأن هذا لا يحول بين الناس وبين ما قدره الله لهم من الفناء ، على عادة القرآن في الفُرص للموعظة والتذكير كقوله : { أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة } [ النساء : 78 ] . وفائدة هذا أن لا ينسوا الاستعداد للحياة الباقية بفعل الصالحات ، وأن يتفكروا في عظيم قدرة الله تعالى ويقبلوا على توحيده وطلب مرضاته .

ووقوع هذه الجملة عقب ما عدد من النعم فيه إيماء إلى أن مصير نعم الدنيا إلى الفناء .

والجملة استئناف ابتدائي .

وضمير { عليها } مراد به الأرض بقرينة المقام مثل { حتى توارت بالحجاب } [ ص : 32 ] ، أي الشمس ومثله في القرآن وكثير وفي كلام البلغاء .

ومعنى { فانٍ } : أنه صائر إلى الفناء ، فهذا من استعمال اسم الفاعل لزمان الاستقبال بالقرينة مثل { إنك ميت وإنهم ميتون } [ الزمر : 30 ] .

والمراد ب { من عليها } : الناس لأنهم المقصود بهذه العبر ، ولذلك جيء ب ( من ) الموصولة الخاصة بالعقلاء .

والمعنى : أن مصير جميع من على الأرض إلى الفناء ، وهذا تذكير بالموت وما بعده من الجزاء .