التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَتَعۡلَمُنَّ نَبَأَهُۥ بَعۡدَ حِينِۭ} (88)

لتعلمن - أيها الناس - صدق ما أخبركم به من وعد ومن وعيد بعد وقت محدد فى علم الله - تعالى - وبعد : فهذا تفسير لسورة " ص " نسأل الله - تعالى - أن يجعله خالصا لوجهه ، ونافعا لعباده .

والحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ؟ .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَتَعۡلَمُنَّ نَبَأَهُۥ بَعۡدَ حِينِۭ} (88)

65

إنه الختام الذي يتناسق مع افتتاح السورة ومع موضوعها والقضايا التي تعالجها : وهو الإيقاع المدوي العميق ، الموحي بضخامة ما سيكون : ( ولتعلمن نبأه بعد حين ) . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَتَعۡلَمُنَّ نَبَأَهُۥ بَعۡدَ حِينِۭ} (88)

وقوله : ( وَلَتَعْلَمُنّ نَبأَهُ بَعدَ حِينٍ ) : يقول : ولتعلمنّ أيها المشركون بالله من قُرَيش نبأه ، يعني : نبأ هذا القرآن ، وهو خبره ، يعني حقيقة ما فيه من الوعد والوعيد بعد حين . وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( وَلَتَعْلَمُنّ نَبأَهُ ) : قال : صدق هذا الحديث نبأ ما كذّبوا به . وقيل : نبأه حقيقة أمر محمد صلى الله عليه وسلم أنه نبيّ .

ثم اختلفوا في مدة الحِين الذي ذكره الله في هذا الموضع : ما هي ، وما نهايتها ؟ فقال بعضهم : نهايتها الموت . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( وَلَتَعْلَمُنّ نَبأَهُ بَعْدَ حِينٍ ) : أي بعد الموت وقال الحسن : يا ابن آدم عند الموت يأتيك الخبر اليقين .

وقال بعضهم : كانت نهايتها إلى يوم بدر . ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : ( وَلَتَعْلَمُنّ نَبأَهُ بَعْدَ حِينٍ ) : قال : يوم بدر .

وقال بعضهم : يوم القيامة . وقال بعضهم : نهايتها القيامة . ذكر من قال ذلك : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( وَلَتَعْلَمُنّ نَبأَهُ بَعْدَ حِينٍ ) : قال : يوم القيامة يعلمون نبأ ما كذّبوا به بعد حين من الدنيا وهو يوم القيامة . وقرأ : لِكُلّ نَبأٍ مُسْتَقَرٌ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ قال : وهذا أيضا الاَخرة يستقرّ فيها الحقّ ، ويبطُل الباطل .

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله أعلم المشركين المكذّبين بهذا القرآن أنهم يعلمون نبأه بعد حين من غير حدّ منه لذلك الحين بحدّ ، وقد علم نبأه من أحيائهم الذين عاشوا إلى ظهور حقيقته ، ووضوح صحته في الدنيا ، ومنهم من علم حقيقة ذلك بهلاكه ببدر ، وقبل ذلك ، ولا حدّ عند العرب للحين ، لا يُجاوَز ولا يقصر عنه . فإذ كان ذلك كذلك فلا قول فيه أصحْ من أن يطلَق كما أطلقه الله من غير حصر ذلك على وقت دون وقت . وبنحو الذين قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، قال : حدثنا أيوب ، قال : قال عكرمة : سُئِلْت عن رجل حلف أن لا يصنع كذا وكذا إلى حين ، فقلت : إن من الحين حينا لا يُدرك ، ومن الحين حِينٌ يُدرك ، فالحين الذي لا يُدرك قوله : وَلَتَعْلَمُنّ نَبأَهُ بَعْدَ حِينٍ ، والحين الذي يُدرك قوله : تُؤْتِي أُكُلَها كُلّ حِينٍ بإذْن رَبّها وذلك من حين تُصْرَم النخلة إلى حين تُطْلِع ، وذلك ستة أشهر .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَتَعۡلَمُنَّ نَبَأَهُۥ بَعۡدَ حِينِۭ} (88)

ثم توعدهم بقوله : { ولتعلمن نبأه بعد حين } وهذا على حذف تقديره : لتعلمن صدق نبإه بعد حين في توعدكم واختلف الناس في معنى قوله : { بعد حين } إلى أي وقت أشار ، لأن الحين في اللغة يقع على القليل والكثير من الوقت ، فقال ابن زيد : أشار إلى يوم القيامة . وقال قتادة والحسن في اللغة أشار إلى الآجال التي لهم ، لأن كل واحد منهم يعرف الحقائق بعد موته . وقال السدي : أشار إلى يوم بدر ، لأنه يوم عرف الكفار فيه صدق وعيد القرآن لهم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَتَعۡلَمُنَّ نَبَأَهُۥ بَعۡدَ حِينِۭ} (88)

وجملة { ولتعلمن نبأهُ بعد حينٍ } عطف على جملة { إن هُوَ إلا ذِكرٌ للعالمين } باعتبار ما يشتمل عليه القصر من جانب الإِثبات ، أي وستعلمون خبر هذا القرآن بعد زمان علماً جزماً فيزول شكُّكُم فيه ، فالكلام إخبار عن المستقبل كما هو مقتضى وجود نون التوكيد .

والنبأ : الخبر ، وأصل الخبر : الصدق ، أي الموافقة للواقع ، فإذا قيل : أتاني نبأُ كذا ، فمعناه الخبر عن حاله في الواقع ، فإضافة النبأ إلى ما يضاف إليه على معنى اللام إذ معنى اللام هو أصل معاني الإِضافة ، قال تعالى : { وهل أتاك نبأ الخصم } [ ص : 21 ] ، أي ستعلمون صدق وصف هذا القرآن أنه الحق ، وهذا كما قال تعالى : { سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق } [ فصلت : 53 ] . وفُسر النبأ بمعنى المفعول ، أي ما أَنبأَ به القرآن من إنذاركم بالعذاب ، فهو تهديد . وكلا الاحتمالين واقع فإن من المخاطبين من عجّل له عذاب السيف يوم بدر ، وبقيتهم رأوا ذلك رأي العين منهم مَن علموا دخول الناس في الإِسلام فماتوا بغيظهم ومنهم من شاهدوا فتح مكة وآمنوا ، أو رأوا قبائل العرب تدخل في الدين أفواجاً فعلموا نبأ صدق القرآن وما وعد به بعد حين فازدادوا إيماناً .

وحين كلِّ فريق ما مضى عليه من زمن بين هذا الخطاب وبين تحقق الصدق . والحين : الزمن من ساعة إلى أربعينَ سنة . فختم الكلام بتسجيل التبليغ وأن فائدة ما أبلغهم لهم لا للنبيء صلى الله عليه وسلم وختم بالمواعدة لوقتِ يقينهم بنبيئه ، وهذا مؤذن بانتهاء الكلام ومراعاة حسن الختام .