التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَأَمَّا ٱلۡقَٰسِطُونَ فَكَانُواْ لِجَهَنَّمَ حَطَبٗا} (15)

{ وَأَمَّا القاسطون } وهم الذين آُروا الغى على الرشد { فَكَانُواْ لِجَهَنَّمَ حَطَباً } أى : وقودا لجهنم ، كما توقد النار بما يلقى فيها من حطب وما يشبهه .

وإلى هنا نرى الآيات الكريمة قد حكت أقوالا متعددة ، لهؤلاء النفر من الجن ، الذين استمعوا إلى القرآن ، فآمنوا به ، وقالوا لن نشرك بربنا أحدا .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَأَمَّا ٱلۡقَٰسِطُونَ فَكَانُواْ لِجَهَنَّمَ حَطَبٗا} (15)

( وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا )أي تقرر أمرهم وانتهى إلى أن يكونوا حطبا لجهنم ، تتلظى بهم وتزداد اشتعالا ، كما تتلظى النار بالحطب . .

ودل هذا على أن الجن يعذبون بالنار . ومفهومه أنهم كذلك ينعمون بالجنة . . هكذا يوحي النص القرآني . وهو الذي نستمد منه تصورنا . فليس لقائل بعد هذا أن يقول شيئا يستند فيه إلى تصور غير قرآني ، عن طبيعة الجن وطبيعة النار أو طبيعة الجنة . . فسيكون ما قاله الله حقا بلا جدال !

وما ينطبق على الجن مما بينوه لقومهم ، ينطبق على الإنس وقد قاله لهم الوحي بلسان نبيهم . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَأَمَّا ٱلۡقَٰسِطُونَ فَكَانُواْ لِجَهَنَّمَ حَطَبٗا} (15)

يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل النفر من الجن : وأنّا مِنّا المُسْلِمُون الذين قد خضعوا لله بالطاعة وَمِنّا القاسِطُونَ وهم الجائرون عن الإسلام وقصد السبيل . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وأنّا مِنّا المُسْلِمُونَ وَمِنّا القاسِطُونَ قال : العادلون عن الحقّ .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : القاسِطُونَ قال : الظالمون .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : القاسِطُونَ الجائرون .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : القاسِطُونَ قال : الجائرون .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : المقسط : العادل ، والقاسط : الجائر وذكر بيت شعر :

قَسَطْنا على الأمْلاكِ فِي عَهْدِ تُبّعٍوَمِنْ قَبْل ما أدْرَي النّفوسَ عِقابَها

وقال : وهذا مثل الترب والمترب قال : والترب : المسكين ، وقرأ : أوْ مِسْكِينا ذَا مَتْرَبَة قال : والمترب : الغنيّ .

وقوله : فَمَنْ أسْلَمَ فأُولَئِكَ تَحَرّوْا رَشَدا يقول : فمن أسلم وخضع لله بالطاعة ، فأولئك تعمدوا وترجّوا رشدا في دينهم . وأما القاسطون يقول : الجائرون عن الإسلام ، فكانُوا لِجَهَنّمَ حَطَبا توقد بهم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَأَمَّا ٱلۡقَٰسِطُونَ فَكَانُواْ لِجَهَنَّمَ حَطَبٗا} (15)

وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا توقد بهم كما توقد بكفار الإنس .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَأَمَّا ٱلۡقَٰسِطُونَ فَكَانُواْ لِجَهَنَّمَ حَطَبٗا} (15)

والقاسط : اسم فاعل قسط من باب ضَرب قَسْطاً بفتح القاف وقسوطاً بضمها ، أي جار فهو كالظلم يراد به ظلم المرء نفسه بالإِشراك . وفي « الكشاف » : أن الحجاج قال لسعيد بن جبير حين أراد قتله ما تقول فيَّ ؟ قال : قَاسط عَادِل ، فقال القومُ : مَا أحسَنَ ما قالَ حسبوا أنه وصفه بالقِسط ( بكسر القاف ) والعدل ، فقال الحجاج : يا جَهلة إنه سمّاني ظالماً مشركاً وتلا لهم قوله تعالى : { وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطباً } وقولَه تعالى : { ثم الذين كفروا بربّهم يعدلون } [ الأنعام : 1 ] اه .

وشبه حلول الكافرين في جهنم بحلول الحطب في النار على طريقة التمليح والتحقير ، أي هم لجهلهم كالحطب الذي لا يعقل كقوله تعالى : { فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة } [ البقرة : 24 ] .

وإقحام فعل ( كانوا ) لتحقيق مصيرهم إلى النّار حتى كأنهم كانوا كذلك من زمن مضى .