التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَأُزۡلِفَتِ ٱلۡجَنَّةُ لِلۡمُتَّقِينَ غَيۡرَ بَعِيدٍ} (31)

وكعادة القرآن فى المقارنة بين عاقبة الأشرار والأخيار ، جاء بعد ذلك الحديث عن المتقين وحسن عاقبتهم فقال - تعالى - : { وَأُزْلِفَتِ الجنة لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ }

وقوله : { وَأُزْلِفَتِ } من الإِزلاف بمعنى القرب ، يقال : أزلفه إذا قربه ، ومنه الزلفة والزلفى بمعنى القُرْبَة والمنزلة . . وهو معطوف على قوله - سبحانه - { وَنُفِخَ فِي الصور } وقوله : { غَيْرَ بَعِيدٍ } صفة لموصوف مذكر محذوف ، ولذا قال غير بعيد ولم يقل غير بعيدة . أى : وأدنيت وقربت الجنة للمتقين فى مكان غير بعيد منهم ، فصاروا يرونها ويشاهدون ما فيها من خيرات لا يحيط بها الوصف .

وفائدة قوله : { غَيْرَ بَعِيدٍ } بعد قوله { وَأُزْلِفَتِ } للتأكيد والتقرير ، كقولك : فلان قريب غير بعيد ، وعزيز غير ذليل . .

قال الجمل ما ملخصه : فإن قيل : ما وجه التقريب مع أن الجنة مكان ، والأمكنة يقرب مها وهى لا تقرب ؟ .

فالجواب : أن الجنة لا تنقل . . لكن الله - تعالى لا يطوى المسافة التى بين المؤمن والجنة - حتى لكأنها حاضرة أمامه - وذلك من باب التكريم والتشريف للمؤمن .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَأُزۡلِفَتِ ٱلۡجَنَّةُ لِلۡمُتَّقِينَ غَيۡرَ بَعِيدٍ} (31)

16

وعلى الضفة الأخرى من هذا الهول مشهد آخر وديع أليف ، رضي جميل . إنه مشهد الجنة ، تقرب من المتقين ، حتى تتراءى لهم من قريب ، مع الترحيب والتكريم :

وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد . هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ . من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب . ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود . لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد .

والتكريم في كل كلمة وفي كل حركة . فالجنة تقرب وتزلف ، فلا يكلفون مشقة السير إليها ، بل هي التي تجيء : ( غير بعيد ) ! ونعيم الرضى يتلقاهم مع الجنة :

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَأُزۡلِفَتِ ٱلۡجَنَّةُ لِلۡمُتَّقِينَ غَيۡرَ بَعِيدٍ} (31)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَأُزْلِفَتِ الْجَنّةُ لِلْمُتّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هََذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلّ أَوّابٍ حَفِيظٍ * مّنْ خَشِيَ الرّحْمََنَ بِالْغَيْبِ وَجَآءَ بِقَلْبٍ مّنِيبٍ } .

يعني تعالى ذكره بقوله : وأُزْلِفَتِ الجَنّةُ للْمُتّقِينَ غَيرَ بَعِيدٍ وأُدنيت الجنة وقرّبت للذين اتقوا ربهم ، فخافوا عقوبته بأداء فرائضه ، واجتناب معاصيه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وأُزْلِفَتِ الجَنّةُ للْمُتّقِينَ يقول : وأدنيت غَيرَ بَعِيدٍ .