التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَرَءَيۡتَ إِن كَانَ عَلَى ٱلۡهُدَىٰٓ} (11)

وقوله - سبحانه - : { أَرَأَيْتَ إِن كَانَ على الهدى . أَوْ أَمَرَ بالتقوى } خطاب آخر للنبى صلى الله عليه وسلم أى : أرأيت - أيها الرسول الكريم - إن صار هذا الإِنسان - الطاغى والكافر - على الهدى ، فاتبع الحق ، ودعا إلى البر والتقوى . . أما كان ذلك خيرا له من الإِصرار على الكفر ، ومن نهيه إياك عن الصلاة ، فجواب الشرط محذوف للعلم به .

فالمراد بالهدى : اهتداؤه إلى الصراط المستقيم ، والمراد بالتقوى : صيانة نفسه تعالى - ، وأمره غيره عن كل ما يغضب الله - بذلك .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَرَءَيۡتَ إِن كَانَ عَلَى ٱلۡهُدَىٰٓ} (11)

القول في تأويل قوله تعالى : { أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَىَ الْهُدَىَ * أَوْ أَمَرَ بِالتّقْوَىَ } .

يقول تعالى ذكره : أرأَيْتَ إنْ كانَ محمد عَلى الهُدَى ، يعني : على استقامة وسَدَاد في صلاته لربه ، { أوْ أمَرَ بالتّقْوَى } أو أمر محمد هذا الذي يَنْهى عن الصلاة ، باتقاء الله ، وخوف عقابه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { أرأَيْتَ إنْ كانَ عَلى الهُدَى أوْ أمَرَ بالتّقْوَى } قال : محمد كان على الهدى ، وأمر بالتقوى .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَرَءَيۡتَ إِن كَانَ عَلَى ٱلۡهُدَىٰٓ} (11)

تعجيب آخر من حالٍ مفروض وقوعُه ، أي أتظنه ينهى أيضاً عبداً مُتمكناً من الهدى فتَعْجَبَ من نهيه . والتقدير : أرأيته إن كان العبد على الهدى أينهاه عن الهدى ، أو إن كان العبد آمراً بالتقوى أينهاه عن ذلك .

والمعنى : أن ذلك هو الظن به فيعجّب المخاطب من ذلك لأن من ينهى عن الصلاة وهي قربةٌ إلى الله فقد نهى عن الهدى ، ويوشك أن ينهى عن أن يأمر أحدٌ بالتقوى .

وجواب الشرط محذوف وأتى بحرف الشرط الذي الغالب فيه عدم الجزم بوقوع فعل الشرط مُجاراة لحال الذي ينهى عبداً .

والرؤية هنا علمية ، وحُذف مفعولا فعل الرؤية اختصاراً لدلالة { الذي ينهى } [ العلق : 9 ] على المفعول الأول ودلالة { ينهى } على المفعول الثاني في الجملة قبلها .

و { على } للاستعلاء المجازي وهو شدّة التمكن من الهُدى بحيث يشبه تمكنَ المستعلِي على المكان كما تقدم في قوله تعالى : { أولئك على هدى من ربهم } [ لقمان : 5 ] .

فالضميرَانِ المستتَران في فعلَي { كان على الهدى أو أمر بالتقوى } عائدان إلى { عبداً } وإن كانت الضمائر الحافّة به عائدة إلى { الذي ينهى عبداً إذا صلى } [ العلق : 9 ، 10 ] فإن السياق يرد كل ضمير إلى معاده كما في قول عباس بن مرداس :

عُدنا ولولا نَحْنُ أحدقَ جمعُهم *** بالمسلمين وأحرَزوا ما جَمَّعوا

والمفعول الثاني لفعل « رأيتَ » محذوف دل عليه قوله : { ألم يعلم بأن الله يرى } [ العلق : 14 ] أو دل عليه قوله : { ينهى } المتقدم . والتقدير : أرأيته .

وجواب : { إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى } محذوف تقديره : أينهاه أيضاً .

وفُصِلت جملة : { أرأيت إن كان على الهدى } لوقوعها موقع التكرير لأن فيها تكريرَ التَّعجيب من أحوال عديدة لشخص واحد .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{أَرَءَيۡتَ إِن كَانَ عَلَى ٱلۡهُدَىٰٓ} (11)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

يقول الله تعالى : { أرأيت إن كان } ، يعني محمدا { على الهدى }...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره : أرأَيْتَ إنْ كانَ محمد عَلى الهُدَى ، يعني : على استقامة وسَدَاد في صلاته لربه ، { أوْ أمَرَ بالتّقْوَى } أو أمر محمد هذا الذي يَنْهى عن الصلاة ، باتقاء الله ، وخوف عقابه ... عن قتادة ، قوله : { أرأَيْتَ إنْ كانَ عَلى الهُدَى أوْ أمَرَ بالتّقْوَى } قال : محمد كان على الهدى ، وأمر بالتقوى .

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{ أرأيت إن كان على الهدى } { أو أمر بالتقوى } { أرأيت إن كذب وتولى } { ألم يعلم بأن الله يرى } .

جائز أن يجمع هذا كله في الوعيد الذي ذكره على إثر ذلك ، وهو قوله تعالى : { ألم يعلم بأن الله يرى } كأنه قال { أرأيت الذي ينهى } { عبدا إذا صلى } أرأيت الذي ينهى من { كان على الهدى } { أو أمر بالتقوى } وهو رسول الله ، كان ينهاه ذلك الكافر إذا صلى ، وينهاه عن الهدى وعن الأمر بالتقوى { أرأيت إن كذب } رسول الله صلى الله عليه وسلم { وتولى } عن طاعة الله تعالى { ألم يعلم بأن الله يرى } .

يدخل جميع ما ذكر في هذا الوعيد ، فيكون ذلك جوابا لما تقدم من قوله : { أرأيت الذي ينهى } { عبدا إذا صلى } إلى آخر ما ذكر .

وجائز أن يكون جواب قوله : { أرأيت الذي ينهى } { عبدا إذا صلى } مسكوتا عنه ، ترك للفهم .

ثم قوله تعالى : { ألم يعلم بأن الله يرى } أي ألم يعلم بأن الله يراه ( فينتقم منه لرسول الله ، أو { ألم يعلم بأن الله يرى } فيدفعه عما هم برسول الله . فهو وعيد .

ثم قوله تعالى : { ألم يعلم بأن الله يرى } يحتمل وجهين :

أحدهما : قد علم بأن الله يرى جميع ما يقوله ، ويفعله ، ويهم به ، لكنه قال ذلك على المكابرة والعناد .

والثاني : { ألم يعلم بأن الله يرى } على نفي العلم له بذلك ، إذ لو علم بأن الله يرى ، ويعلم ما يفعله من النهي عن الصلاة والمكر به لكان لا يفعل ذلك به .

الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :

أي أرأيت يا أبا جهل إن كان محمد على هذه الصفة ، أليس ناهيه عن التقوى والصلاة هالكا ؟...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

الآيات التالية تأكيد على نفس المفاهيم . أي أرأيت إن كان هذا العبد المصلّي على الهدى أو أمر بالتقوى فهل يصح نهيه ؟ ألا يستحق من ينهاه النّار ؟ ...