التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{أَرَءَيۡتَ إِن كَانَ عَلَى ٱلۡهُدَىٰٓ} (11)

{ أرأيت إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى } أرأيت في الموضع الذي قبله والذي بعده بمعنى أخبرني ، فكأنه سؤال يفتقر إلى جواب ، وفيها معنى التعجيب والتوقيف ، والخطاب فيها يحتمل أن يكون للنبي صلى الله عليه وسلم ولكل مخاطب من غير تعيين ، وهي تتعدى إلى مفعولين ، وجاءت بعدها إن الشرطية في موضعين وهما : قوله{ إن كان على الهدى } وقوله : { إن كذب وتولى } فيحتاج إلى الكلام في مفعولي { أرأيت } في المواضع الثلاثة ، وفي جواب الشرطين ، وفي الضمائر المتصلة بهذه الأفعال : وهي { إن كان على الهدى } و{ أمر بالتقوى } و{ كذب وتولى } على من تعود هذه الضمائر ، فقال الزمخشري : إن قوله : { الذي ينهى } هو المفعول الأول لقوله : { أرأيت } الأولى ، وأن الجملة الشرطية بعد ذلك في موضع المفعول الثاني وكررت { أرأيت } بعد ذلك للتأكيد ، فهي زائدة لا تحتاج إلى مفعول ، وإن قوله : { ألم يعلم بأن الله يرى } هو جواب قوله : { إن كذب وتولى } فهو في المعنى جواب للشرطين معا ، وأن الضمير في قوله : { إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى } للذي نهى عن الصلاة وهو أبو جهل ، وكذلك الضمير في قوله : { إن كذب وتولى } وتقدير الكلام على هذا أخبرني عن الذي ينهى عبدا إذا صلى إن كان هذا الناهي على الهدى ، أو كذب وتولى ، ألم يعلم بأن الله يرى جميع أحواله من هداه وضلاله وتكذيبه ونهيه عن الصلاة وغير ذلك ، فمقصود الآية : تهديد له وزجر وإعلام بأن الله يراه ، وخالفه ابن عطية في الضمائر فقال : إن الضمير في قوله : { إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى } للعبد الذي صلى ، وأن الضمير في قوله : { إن كذب وتولى } للذي نهى عن الصلاة ، وخالفه أيضا في جعله { أرأيت } الثانية مكررة للتأكيد ، وقال : إنها في المواضع الثلاثة توقيف ، وأن جوابه في المواضع الثلاثة قوله : { ألم يعلم بأن الله يرى } فإنه يصلح مع كل واحد منها ، ولكنه جاء في آخر الكلام اختصارا ، وخالفهما أيضا الغرنوي في الجواب فقال : إن جواب قوله : { إن كان على الهدى } محذوف فقال : إن تقديره إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى أليس هو على الحق ، واتباعه واجب ، والضمير على هذا يعود على العبد الذي صلى وفاقا لابن عطية .