جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{أَرَءَيۡتَ إِن كَانَ عَلَى ٱلۡهُدَىٰٓ} (11)

{ أرأيت إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى أرأيت إن كذب وتولى ألم يعلم بأن الله يرى } أخبرني ، يا من له أدنى تمييز عن حال من ينهى{[5424]} عبدا من العباد إذا صلى ، إن كان على طريقة سديدة في نهيه عن عبادة الله ، أو كان آمرا بالتقوى ، فيما يأمر به من عبادة الأوثان كما يزعم ، ألم يعلم بأن الله يرى حاله ، فيجازيه ؟ أخبرني عن هذا الذي ينهى المصلي إن كان على التكذيب للحق ، والتولي عن الدين الصحيح كما نقول نحن ، ألم يعلم بأن الله يرى فيجازيه ؟ فعلى هذا " أرأيت " الثاني تكرار للأول للتأكيد ، وأما الثالث فمستقل للتقابل بين الشرطين ، وحذف جواب الأول لدلالة " ألم يعلم " الذي هو جواب الثالث عليه عند من يجوز أن يكون الإنشاء جوابا للشرط بلا فاء ، وعند من لم يجوز يكون جواب الأول والثالث محذوفا بقرينة " ألم يعلم " ، أو " أرأيت : الأولى فأختاها متوجهات إلى " ألم يعلم " ، وهو مقدر عند الأولين{[5425]} ، والحذف للاختصار ، أو معناه ما أعجب ممن ينهى عبدا عن الصلاة ، إن كان المنهي على الهدى آمرا بالتقوى ، والناهي مكذب متول ، أو معناه أخبرني إن كان الكافر على الهدى ، أو آمرا بالتقوى ، أما كان خيرا له ؟ أو معناه أخبرني يا كافر إن كان المنهي على الهدى في فعله ، أو آمرا بالتقوى في قوله ، فما ظنك وأنت تزجره ، على هذين الوجهين جواب الشرط{[5426]} الثاني فقط قوله : " ألم يعلم " ،


[5424]:حاصله أنه من قبيل كلام المنصف، وإرخاء العنان لغاية التبكيت، ولهذا ما ذكر تعظيم نبيه، وقال: عبدا "والخطاب بقوله:" أرأيت" لكل من يصلح أن يكون مخاطبا على الوجه الأول/12 منه.
[5425]:أي: أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى، ألم يعلم بأن الله يرى، أرأيت إذا كان على الهدى، أو أمر بالتقوى، ألم يعلم بأن الله يرى، وهذا كما تقول: أخبرني عن زيد إن وفدت عليه، أخبرني عنه إن استجرته، أخبرني عنه إن توسلت إليه، أما يوجب حقي ؟/12 منه.
[5426]:أي: "إن كذب وتولى"، وجواب الشرط الأول أي: "إن كان على الهدى" محذوف فتأمل/12 منه.