التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{مَا تَسۡبِقُ مِنۡ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسۡتَـٔۡخِرُونَ} (43)

وقوله عز وجل - : { مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ } بيان لمظهر من مظاهر قدرة الله - تعالى - وإحكامه لشئون خلقه . . .

أى : ما تسبق أمة من الأمم أجلها الذى قدرناه لها ساعة من الزمان ، ولا تستأخر عنه ساعة ، بل الكل نهلكه ونميته فى الوقت الذى حددناه بقدرتنا وحكمتنا .

و " من " فى قوله { مِنْ أُمَّةٍ } مزيدة للتأكيد : وفى هذا المعنى قوله - تعالى - : { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ }

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{مَا تَسۡبِقُ مِنۡ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسۡتَـٔۡخِرُونَ} (43)

وقوله : ما تَسْبِقُ مِنْ أُمّةٍ أجَلَها يقول : ما يتقدم هلاك أمة من تلك الأمم التي أنشأناها بعد ثمود قبل الأجل الذي أجلنا لهلاكها ، ولا يستأخِر هلاكها عن الأجل الذي أجلنا لهلاكها والوقت الذي وقتنا لفنائها ولكنها تهلك لمجيئه . وهذا وعيد من الله لمشركي قوم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وإعلام منه لهم أن تأخيره في آجالهم مع كفرهم به وتكذيبهم رسوله ، ليبلغوا الأجل الذي أجّل لهم فيحلّ بهم نقمته ، كسنته فيمن قبلهم من الأمم السالفة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{مَا تَسۡبِقُ مِنۡ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسۡتَـٔۡخِرُونَ} (43)

وجملة { ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون } معترضة بين المتعاطفة . وهي استئناف بياني لما يؤذن به قوله : { ثم أنشأنا من بعدهم قروناً } من كثرتها ولا يؤذن به وصفهم ب { آخرين } من جهل الناس بهم ، ولما يؤذن به عطف جملة { ثم أرسلنا رسلنا تترى } [ المؤمنون : 44 ] من انقراض هذه القرون بعد الأمة التي ذكرت قصتها آنفاً في قوله { ثم أنشأنا من بعدهم قروناً آخرين } دون أن تجيئهم رسل ، فكان ذلك كله مما يثير سؤال سائل عن مدة تعميرهم ووقت انقراضهم . فيجاب بالإجمال لأن لكل قرن منهم أجلا عيَّنه الله يبقى إلى مثله ثم ينقرض ويخلفه قرن آخر يأتي بعده ، أو يعمَّر بعده قرن كان معاصراً له ، وأن ما عيّن لكل قرن لا يتقدمه ولا يتأخر عنه كقوله تعالى : { لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون } [ يونس : 49 ] .

والسبق : تجاوز السائر وتركه مُسائرَه خلفه ، وعكسه التأخر . والمعنى واضح . والسين والتاء في { يستأخرون } زائدتان للتأكيد مثل : استجاب . وضمير { يستأخرون } عائد إلى { أمة } باعتبار الناس .