التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَصَدَّقَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ} (6)

{ وَصَدَّقَ بالحسنى } أى : وأيقن بالخصلة الحسنى ، وهى الإِيمان بكل ما يجب الإِيمان به ، أو أيقن بالملة الحسنى ، وهى ملة الإِسلام ، أو بالمثوبة الحسنى وهى الجنة .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَصَدَّقَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ} (6)

واختلف أهل التأويل في تأويل قوله تعالى : وَصَدّقَ بالْحُسْنَى فقال بعضهم : معنى ذلك : وصدّق بالخلف من الله ، على إعطائه ما أعطى من ماله فيما أعْطَى فيه مما أمره الله بإعطائه فيه . ذكر من قال ذلك :

حدثني حميد بن مسعدة ، قال : حدثنا بشر بن المفضل ، قال : حدثنا دواد ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس ، في قوله : وَصَدّقَ بالْحُسْنَى قال : وصدّق بالخَلَف من الله .

حدثني محمد بن المثنى ، قال : ثني عبد الأعلى ، قال : حدثنا داود ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس : وَصَدّقَ بالْحُسْنَى يقول : وصدّق بالخلَف من الله .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن مَهْدِيّ ، قال : حدثنا خالد بن عبد الله ، عن داود بن أبي هند ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس وَصَدّقَ بالْحُسْنَى بالخلَف .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن عُلَية ، عن داود ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس ، مثله .

حدثنا إسماعيل بن موسى السديّ ، قال : أخبرنا بشر بن الحكم الأحْمَسيّ ، عن سعيد بن الصلت ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس وَصَدّقَ بالْحُسْنَى قال : أيقن بالخلف .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن قيس بن مسلم ، عن عكرِمة فأمّا مَنْ أعْطَى واتّقَى وَصَدّقَ بالْحُسْنَى قال : بالخلف .

حدثنا ابن حُميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن قيس بن مسلم ، عن عكرِمة وَصَدّقَ بالْحُسْنَى قال : بأن الله سيخلف له .

قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبي هاشم المكيّ ، عن مجاهد وَصَدّقَ بالْحُسْنَى قال بالخلف .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن أبي بكر الهُذليّ ، عن شَهْر بن حَوْشَب ، عن ابن عباس : وصَدّقَ بالْحُسْنَى قال : بالخَلَف .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن نَضْر بن عربيّ ، عن عكرِمة ، قال : بالخَلَف .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : وصدّق بأن الله واحد لا شريك له . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمر بن عليّ المُقَدّميّ ، قال : حدثنا أشعث السجستانيّ ، قال : حدثنا مِسْعَر وحدثنا أبو كُرَيب قال : حدثنا وكيع ، عن مِسْعر عن أبي حصين ، عن أبي عبد الرحمن وَصَدّقَ بالْحُسْنَى قال : بلا إله إلاّ الله .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي حصين ، عن أبي عبد الرحمن مثله .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبي حصين ، عن أبي عبد الرحمن ، مثله .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عُبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : وَصَدّقَ بالْحُسْنَى : بلا إله إلاّ الله .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس وَصَدّقَ بالْحُسْنَى : يقول : صدّق بلا إله إلاّ الله .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : وصدّق بالجنة . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حُميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد وَصَدّقَ بالْحُسْنَى قال : بالجنة .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثني محمد بن محبب ، قال : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

وقال آخرون : بل معناه : وصدق بموعود الله . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَصَدّقَ بالْحُسْنَى قال : بموعود الله على نفسه ، فعمل بذلك الموعود الذي وعده الله .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله وَصَدّقَ بالْحُسْنَى قال : صدّق المؤمن بموعود الله الحسن .

وأشبه هذه الأقوال بما دلّ عليه ظاهر التنزيل ، وأولاها بالصواب عندي : قول من قال : عُنِي به التصديق بالخَلَف من الله على نفقته .

وإنما قلت : ذلك أولى الأقوال بالصواب في ذلك ، لأن الله ذكر قبله مُنفقا أنفق طالبا بنفقته الخَلَف منها ، فكان أولى المعاني به أن يكون الذي عقيبه الخبر عن تصديقه بوعد الله إياه بالخَلَف إذ كانت نفقته على الوجه الذي يرضاه ، مع أن الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو الذي قلنا في ذلك ورد . ذكر الخبر الوارد بذلك :

حدثني الحسن بن سلمة بن أبي كبشة ، قال : حدثنا عبد الملك بن عمرو ، قال : حدثنا عَبّاد بن راشد ، عن قتادة قال : ثني خُلَيد العَصْرِيّ ، عن أبي الدرداء ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ما مِنْ يَوْمٍ غَرَبَتْ فِيهِ شَمْسُهُ ، إلاّ وبِجَنْبَيْها مَلَكانِ يُنادِيانِ ، يَسْمَعُهُ خَلْقُ اللّهِ كُلّهُمْ إلاّ الثّقَلَينِ : اللّهُمّ أعْطِ مُنْفِقا خَلَفا ، وأعْطِ مُمْسِكا تَلَفا » فأنْزَلَ اللّهُ فِي ذلك القرآن فأمّا مَنْ أعْطَى واتّقَى وَصَدّقَ بالْحُسْنَى . . . إلى قوله لِلْعُسرَى .

وذُكر أن هذه الاَية نزلت في أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه . ذكر الخبر بذلك :

حدثني هارون بن إدريس الأصمّ ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربيّ ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق ، عن محمد بن عُبيد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصدّيق ، عن عامر بن عبد الله بن الزّبير ، قال : كان أبو بكر الصدّيق يُعْتِق على الإسلام بمكة ، فكان يُعْتِق عجائز ونساء إذا أسلمن ، فقال له أبوه : أَيْ بُنَيّ ، أراك تُعْتِق أناسا ضعفاء ، فلو أنك أعتقت رجالاً جُلدا يقومون معك ، ويمنعونك ، ويدفعون عنك ، فقال : أي أبت ، إنما أريد «أظنه قال » : ما عند الله ، قال : فحدثني بعض أهل بيتي ، أن هذه الاَية أنزلت فيه : فأمّا مَنْ أعْطَى واتّقَى وَصَدّقَ بالْحُسْنَى فَسَنُيَسّرُهُ لِلْيُسْرَى .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَصَدَّقَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ} (6)

وصدق بالكلمة الحسنى وهي ما دلت على حق ككلمة التوحيد .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَصَدَّقَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ} (6)

والحُسنى : تَأنيث الأحسن فهي بالأصالة صفَة لموصوف مقدر ، وتأنيثها مشعر بأن موصوفها المقدر يعتبر مؤنث اللفظ ويحتمل أموراً كثيرة مثل المثوبة أو النصر أو العدة أو العاقبة .

وقد يصير هذا الوصف علماً بالغلبة فقيل : الحسنى الجنة ، وقيل : كلمة الشهادة ، وقيل : الصلاة ، وقيل : الزكاة . وعلى الوجوه كلها فالتصديق بها الاعتراف بوقوعها ويكنى به عن الرغبة في تحصيلها .

وحاصل الاحتمالات يحوم حول التصديق بوعد الله بما هو حسن من مثوبة أو نصر أو إخلاف ما تلف فيرجع هذا التصديق إلى الإيمان .

ويتضمن أنه يعمل الأعمال التي يحصل بها الفوز بالحسنى .

ولذلك قوبل في الشق الآخر بقوله : { وكذب بالحسنى } .