الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَصَدَّقَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ} (6)

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن جرير والبيهقي في شعب الإِيمان من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله : { فأما من أعطى } من الفضل { واتقى } قال : اتقى ربه { وصدق بالحسنى } قال : صدق بالخلف من الله { فسنيسره لليسرى } قال : الخير من الله { وأما من بخل واستغنى } قال : بخل بماله واستغنى عن ربه { وكذب بالحسنى } قال : بالخلف من الله { فسنيسره للعسرى } قال : للشر من الله .

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة { فأما من أعطى } قال : أعطى حق الله عليه { واتقى } محارم الله { وصدق بالحسنى } قال : بموعود الله على نفسه { وأما من بخل } قال : بحق الله عليه { واستغنى } في نفسه عن ربه { وكذب بالحسنى } قال : بموعود الله الذي وعد .

وأخرج ابن جرير من طرق عن ابن عباس { وصدق بالحسنى } قال : أيقن بالخلف .

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس { وصدق بالحسنى } يقول صدق بلا إله ألا الله { وأما من بخل واستغنى } يقول : من أغناه الله فبخل بالزكاة .

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي عبد الرحمن السلمي { وصدق بالحسنى } قال : بلا إله إلا الله .

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد { وصدق بالحسنى } قال : بالجنة .

وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم { فسنيسره لليسرى } قال : الجنة .

وأخرج ابن جرير وابن عساكر عن عامر بن عبد الله بن الزبير قال : كان أبو بكر يعتق على الإِسلام بمكة ، فكان يعتق عجائز ونساء إذا أسلمن ، فقال له أبوه أي بني أراك تعتق أناساً ضعفاء ، فلو أنك تعتق رجالاً جلداً يقومون معك ، ويمنعونك ، ويدفعون عنك . قال : أي أبت إنما أريد ما عند الله . قال : فحدثني بعض أهل بيتي أن هذه الآية نزلت فيه { فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى } .

وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه وابن عساكر في طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله : { فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى } قال : أبو بكر الصديق { وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى } قال : أبو سفيان بن حرب .

وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن مردويه وابن جرير عن علي بن أبي طالب قال : «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فقال : ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار ، فقالوا : يا رسول الله أفلا نتكل ؟ قال : اعملوا فكل ميسر لما خلق الله أما من كان من أهل السعادة فييسر لعمل أهل السعادة ، وأما من كان من أهل الشقاء فييسر لعمل أهل الشقاء ، ثم قرأ { فأما من أعطى واتقى } إلى قوله : { للعسرى } » .

وأخرج ابن جرير عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : لما نزلت هذه الآية { إنا كل شيء خلقناه بقدر } [ القمر : 49 ] قال رجل : يا رسول الله ففيم العمل أفي شيء نستأنفه أم في شيء قد فرغ منه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اعملوا فكل ميسر نيسره لليسرى ونيسره للعسرى » .