{ فتنازعوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّواْ النجوى } والنجوى : المسارة فى الحديث .
أى : وبعد أن سمع السحرة من موسى نصيحته لهم وتهديده إياهم بالاستئصال والهلاك . إذا ما استمروا فى ضلالهم ، اختلفوا فيما بينهم ، { وَأَسَرُّواْ النجوى } أى : وبالغوا فى إخفاء ما يسارون به عن موسى وأخيه - عليهما السلام - .
فمنهم من قال - كما روى عن قتادة - : إن كان ما جاءنا به موسى سحرا فسنغلبه ، وإن كان من عند الله فسيكون له أمر .
ومنهم من قال بعد أن سمع كلام موسى : ما هذا بقول ساحر .
ومنهم من أخذ فى حض زملائه المترددين على منازلة موسى - عليه السلام - ، لأنه جاء هو وأخوه لتغيير عقائد الناس ولاكتساب الجاه والسلطان ، ولسلب المنافع التى تأتى لهم أى للسحرة عن طريق السحر . .
ويبدو أن هذا الفريق الأخير هو الذى استطاع أن ينتصر على غيره من السحرة فى النهاية ، بدليل قوله - تعالى - بعد ذلك : { قالوا إِنْ هذان لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ المثلى فَأَجْمِعُواْ كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائتوا صَفّاً وَقَدْ أَفْلَحَ اليوم مَنِ استعلى } .
القول في تأويل قوله تعالى : { فَتَنَازَعُوَاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرّواْ النّجْوَىَ * قَالُوَاْ إِنْ هََذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُمْ مّنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَىَ } .
يقول تعالى ذكره : فتنازع السحرة أمرهم بينهم . وكان تنازعهم أمرهم بينهم فيما ذكر أن قال بعضهم لبعض ، ما :
حدثنا بِشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : " فَتَنازَعُوا أمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وأسَرّوا النّجْوَى " قال السحرة بينهم : إن كان هذا ساحرا فإنا سنغلبه ، وإن كان من السماء فله أمر .
وقال آخرون بل هو أن بعضهم قال لبعض : ما هذا القول بقول ساحر . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : حُدثت عن وهب بن منبه ، قال : جمع كلّ ساحر حباله وعصيه ، وخرج موسى معه أخوه يتكىء على عصاه ، حتى أتى المجمع ، وفرعون في مجلسه ، معه أشراف أهل مملكته ، قد استكَفّ له الناس ، فقال موسى للسحرة حين جاءهم : " وَيْلَكُمْ لا تَفْتَروا عَلى اللّهِ كَذِبا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرَى " فترادّ السحرة بينهم ، وقال بعضهم لبعض : ما هذا بقول ساحر .
وقوله : " وأسَرّوا النّجْوَى " يقول تعالى ذكره : وأسرّوا السحرة المناجاة بينهم .
فلما سمع السحرة هذه المقالة هالهم هذا المنزع ووقع في نفوسهم من مهابته أمر شديد { فتنازعوا } والتنازع يقتضي اختلافاً كان بينهم في السر أي قال بعضهم لبعض هو محق ، وقال بعضهم هو مبطل ، وقال بعضهم إن كان من عند الله فسيغلبنا ونحو هذا من الأقوال التي تعهد من الجموع الكثيرة في وقت الخوف كالحرب ونحو هذا ، ومعلوم أن جميع تناجيهم إنما كان في أمر موسى . وقالت فرقة إنما كان تناجيهم بالآية التي بعد هذا { إن هذان لساحران } ع والأظهر أن تلك قيلت علانية ولو كان تناجيهم ذلك لم يكن ثم تنازع ، و { النجوى } السرار والمساررة أي كان كل رجل يناجي من يليه ، ثم جعلوا ذلك سراً مخافة فرعون أن يتبين فيهم ضعفاً لأنهم لم يكونوا حينئذ مصممين على غلبة موسى بل كان ظناً من بعضهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.