التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالَ أَلَمۡ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدٗا وَلَبِثۡتَ فِينَا مِنۡ عُمُرِكَ سِنِينَ} (18)

ثم حكى - سبحانه - بعد ذلك ما دار بين موسى وفرعون من محاورات فقال - تعالى - : { قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ . . . } .

أى : قال فرعون لموسى بعد أن عرفه ، وبعد أن طلب منه موسى أن يرسل معه بنو إسرائيل . قال له يا موسى { أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً } أى : ألم يسبق لك أنك عشت فى منزلنا ، ورعيناك وأنت طفل صغير عندما قالت امرأتى { لاَ تَقْتُلُوهُ عسى أَن يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً . . } { وَلَبِثْتَ فِينَا } أى : فى كنفنا وتحت سقف بينا { مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ } عددا ،

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالَ أَلَمۡ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدٗا وَلَبِثۡتَ فِينَا مِنۡ عُمُرِكَ سِنِينَ} (18)

القول في تأويل قوله تعالى : { قَالَ أَلَمْ نُرَبّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ * وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ } .

وفي هذا الكلام محذوف استغني بدلالة ما ظهر عليه منه ، وهو : فأتيا فرعون فأبلغاه رسالة ربهما إليه ، فقال فرعون : ألم نر بك فينا يا موسى وليدا ، ولبثت فينا من عمرك سنين ؟ وذلك مكثه عنده قبل قتل القتيل الذي قتله من القبط ، ( وفعلت فعلتك التي فعلت ) يعني : قتله النفس التي قتل من القبط . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : وَفَعَلْتَ فعْلَتَكَ التي فَعَلْتَ وأنْتَ مِنَ الكافِرِينَ قال فعلتها إذا وأنا من الضالين . قال : قتل النفس .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد ، مثله .

وإنما قيل وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ لأنها مرّة واحدة ، ولا يجوز كسر الفاء إذا أريد بها هذا المعنى . وذُكر عن الشعبي أنه قرأ ذلك : «وَفَعَلْتَ فِعْلَتَكَ » بكسر الفاء ، وهي قراءة لقرّاءة القرّاء من أهل الأمصار مخالفة .

وقوله : وأنْتَ مِنَ الكافِرِينَ اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : معنى ذلك : وأنت من الكافرين بالله على ديننا . ذكر من قال ذلك :

حدثني موسى بن هارون ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ التي فَعَلْتَ وأنْتَ مِنَ الكافِرِينَ يعني على ديننا هذا الذي تعيب .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : وأنت من الكافرين نعمتنا عليك . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ التي فَعَلْتَ وأنْتَ مِنَ الكافِرِينَ قال : ربيناك فينا وليدا ، فهذا الذي كافأتنا أن قتلت منا نفسا ، وكفرت نعمتنا

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس وأنْتَ مِنَ الكافِرِينَ يقول : كافرا للنعمة لأن فرعون لم يكن يعلم ما الكفر .

قال أبو جعفر : وهذا القول الذي قاله ابن زيد أشبه بتأويل الاَية ، لأن فرعون لم يكن مقرّا لله بالربوبية وإنما كان يزعم أنه هو الربّ ، فغير جائز أن يقول لموسى إن كان موسى كان عنده على دينه يوم قتل القتيل على ما قاله السديّ : فعلت الفعلة وأنت من الكافرين ، الإيمان عنده : هو دينه الذي كان عليه موسى عنده ، إلا أن يقول قائل : إنما أراد : وأنت من الكافرين يومئذ يا موسى ، على قولك اليوم ، فيكون ذلك وجها يتوجه . فتأويل الكلام إذن : وقتلت الذي قتلت منا وأنت من الكافرين نعمتنا عليك ، وإحساننا إليك في قتلك إياه . وقد قيل : معنى ذلك : وأنت الاَن من الكافرين لنعمتي عليك ، وتربيتي إياك .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ أَلَمۡ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدٗا وَلَبِثۡتَ فِينَا مِنۡ عُمُرِكَ سِنِينَ} (18)

{ قال } أي فرعون لموسى بعد ما أتيناه فقالا له ذلك . { ألم نربك فينا } في منازلنا . { وليدا } طفلا سمي به لقربه من الولادة . { ولبثت فينا من عمرك سنين } قيل لبث فيهم ثلاثين سنة ثم خرج إلى مدين عشر سنين ثم عاد إليهم يدعوهم إلى الله ثلاثين ، ثم بقي بعد الغرق خمسين .