التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالَ فَعَلۡتُهَآ إِذٗا وَأَنَا۠ مِنَ ٱلضَّآلِّينَ} (20)

{ قَالَ فَعَلْتُهَآ إِذاً وَأَنَاْ مِنَ الضالين } .

أى قال موسى فى جوابه على فرعون : أنا لا أنكر أنى قد فعلت هذه الفعلة التى تذكرنى بها ، ولكنى فعلتها وأنا فى ذلك الوقت من الضالين ، أى : فعلت ذلك قبل أن يشرفنى الله بوحيه ، ويكلفنى بحمل رسالته ، وفضلا عن ذلك فأنا كنت أجهل أن هذه الوكزة تؤدى إلى قتل ذلك الرجل من شيعتك ، لأنى ما قصدت قتله ، وإنما قصدت تأديبه ومنعه من الظلم لغيره .

فالمراد بالضلال هنا : الجهل بالشىء ، والذهاب عن معرفة حقيقته .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالَ فَعَلۡتُهَآ إِذٗا وَأَنَا۠ مِنَ ٱلضَّآلِّينَ} (20)

القول في تأويل قوله تعالى : { قَالَ فَعَلْتُهَآ إِذاً وَأَنَاْ مِنَ الضّالّينَ * فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ } .

يقول تعالى ذكره : قال موسى لفرعون : فعلت تلك الفعلة التي فعلت ، أي قتلت تلك النفس التي قتلتُ إذن وأنا من الضالين . يقول : وأنا من الجاهلين قبل أن يأتيني من الله وحي بتحريم قتله عليّ . والعرب تضع من الضلال موضع الجهل ، والجهل موضع الضلال ، فتقول : قد جهل فلان الطريق وضلّ الطريق ، بمعنى واحد . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد وأنا مِنَ الضّالّينَ قال : من الجاهلين .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد ، مثله . قال ابن جُرَيج : وفي قراءة ابن مسعود : «وأنا مِنَ الجاهِلِينَ » .

قال : ثنا الحسين ، قال : حدثنا أبو سفيان ، عن معمر ، عن قتادة وأنا مِنَ الضّالّينَ قال : من الجاهلين .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله وأنْتَ مِنَ الكافِرِينَ فقال موسى : لم أكفر ، ولكن فعلتها وأنا من الضالين . وفي حرف ابن مسعود : «فَعَلْتُها إذا وأنا مِنَ الجاهِلِينَ » .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : قالَ فَعَلْتُها إذا وأنا مِنَ الضّالينَ قبل أن يأتيني من الله شيء كان قتلى إياه ضلالة خطأ . قال : والضلالة ههنا الخطأ ، لم يقل ضلاله فيما بينه وبين الله .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال فَعَلْتُها إذا وأنا مِنَ الضّالّينَ يقول : وأنا من الجاهلين .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ فَعَلۡتُهَآ إِذٗا وَأَنَا۠ مِنَ ٱلضَّآلِّينَ} (20)

{ قال فعلتها إذا وأنا من الضالين } من الجاهلين وقد قرئ به ، والمعنى من الفاعلين فعل أولي الجهل والسفه ، أو من الخاطئين لأنه لم يتعمد قتله ، أو من الذاهلين عما يؤول إليه الوكز لأنه أراد به التأديب ، أو الناسين من قوله تعالى : { أن تضل إحداهما } .